دمار سوق الأسهم

عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
دعا الأمين العام لاتحاد غرف مجلس التعاون رجال الأعمال الخليجيين
بإعادة النظر في استثمار أموالهم الموجودة في الخارج وذلك على خلفية
الأزمة المالية عام 2008. مشيراً إلى أن تركيز الاستثمارات داخل دول مجلس
التعاون الخليجي يجعل تلك الأموال في مأمن.

بالفعل فإن تأثير
الأسواق الخارجية على أسواقنا كبير جداً. وأنا هنا لن أتناول سعر النفط
الذي يحدده الطلب على الذهب الأسود في الأسواق العالمية. كذلك لن أتطرق في
هذه العجالة إلى تآكل استثماراتنا في الخارج بسبب التضخم في البلدان
المستثمر فيها والتي هي نفس البلدان التي تصدر إلينا التضخم عبر قنوات
التجارة الخارجية فنكتوي بلهيب أسعار وارداتنا منها. فهذه محطات طالما
توقفت عندها رحال الكثير من الزملاء.

ففي هذه العجالة أود أن
أتقاسم الرأي مع القارئ العزيز حول موضوع آخر هو تأثر سوق الأسهم في دول
مجلس التعاون بالعوامل الاقتصادية في الخارج. وذلك على أساس أن هذا
التحليل هو من قبل الفرضية غير المؤكدة. فانهيار سوق الأسهم في دول مجلس
التعاون عام 2006 قد جاء، كما يبدو لي، على خلفية التقارير الاقتصادية
التي صدرت في بداية ذلك العام والتي كانت تفيد بأن سعر صرف الدولار خلال
العام المشار إليه سوف ينخفض بنسبة تتراوح بين 25% و 35%. طبعاً المستثمر
الصغير في العادة قد لا يطالع أو يتابع غير مؤشر سوق الأسهم في بلده. ولذا
فإن مثل هذه التقارير ربما تمر عليه مرور الكرام. أما المستثمرون الكبار
فإنهم على العكس من ذلك. فهم يتابعون كافة التحليلات الاقتصادية أولا
بأول.

ولذلك أعتقد أن " هوامير" سوق الأسهم الخليجية بعد أن
تيقنوا بما سوف يؤول إليه سعر صرف العملة الأمريكية قد قرروا الخروج من
السوق. لأنهم يدركون أن أي انخفاض لسعر صرف الدولار سوف يؤدي تلقائيا إلى
انخفاض سعر صرف العملات الخليجية مقابل بقية العملات العالمية كاليورو،
الين والجنية الإسترليني. وعلى هذا الأساس أفترض أن كبار المستثمرين
الخليجيين قد فضلوا في البداية رفع مؤشر السوق وذلك قبل أن يسيلوا محافظهم
في مارس 2006 ويأخذوا الخيرات التي أنعم الله بها عليهم إلى مناطق أخرى
آمنة. ولعل الجميع يتذكر كيف ارتفع سعر صرف الذهب واليورو عام 2006 جراء
الطلب عليهما. فهنيئا لهم ومريئا عليهم بما حصلوا عليه من ثروات.

بل
ان فرحتنا بمغانمهم كانت ستكبر لو أنهم تمكنوا من تنمية أرصدتهم في
الخارج. ولكن ويا للأسف الشديد ان الاستثمارات الخليجية التي تدفقت إلى
الأسواق العالمية لم تتمكن من الصمود في وجه العاصفة. فرؤوس الأموال تلك
كبيرة هنا في المنطقة. أما في أمريكا وأوروبا وآسيا فهي تتصارع مع رؤوس
أموال أكبر منها. وبالتالي فإنه يتم التحكم فيها واللعب بها بمثل ما تلعب
هي هنا وتتحكم برؤوس الأموال الأصغر منها.

ولذا ضاعت أموالنا
نهاية عام 2008 بداية عام 2009 دون رجعة بعد أن التهمها في أسواق لندن،
باريس، هونج كونج وغيرها لاعبون أكثر مهارة وأشد مراسا من لاعبينا. وهكذا
وبقدرة قادر تحولت العديد من المراكز المالية الايجابية لمستثمرينا في
الخارج إلى سلبية وذهب كل ما جمعوه من مال هباء منثورا. وليس ذلك فحسب. بل
ان الخسائر التي مُني بها هؤلاء يتم تغطيتها حتى الآن من خلال استنزاف
السوق المحلية التي لا قدرة لهم إلا عليها. ففي خلال العامين الماضيين
لاحظنا كيف يضارب من خوت خزائنهم من أجل الحصول على حفنة من المال لسداد
الالتزامات التي تراكمت عليهم.

فإذا كانت هذه الافتراضات أو
بعضها صحيحة فإن نصيحة الأمين العام لاتحاد غرف مجلس التعاون لرجال
الأعمال الخليجيين بإعادة النظر في استثمار أموالهم في الخارج قد أصابت
عين الحقيقة.