انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 98983 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: :: || الاسواق الماليـه الحره مالها وماعليهـا || :: الجمعة فبراير 18, 2011 9:52 am | |
| :: || الاسواق الماليـه الحره مالها وماعليهـا || ::
بقلم - د . لويس حبيقة خلال العقود القليلة الماضية كانت ثقة المجتمع الدولي بالأسواق المالية كاملة بل من دون حدود . كان الاعتقاد الراسخ بأن تحرير الأسواق المالية يؤدي دون شك إلى النمو والازدهار، وبالتالي كلما ضعفت الإجراءات والرقابة كلما ازدهرت الأسواق المالية وثم الحقيقية . ركزت النظريات الاقتصادية على وجود علاقة إيجابية قوية بين مستوى الناتج الفردي والرفاهية الاجتماعية . كلما تحررت الأسواق المالية، ارتفع الناتج وازدهرت بالتالي أوضاع المجتمع . ما حصل في الواقع هو عكس ذلك، أي أن العلاقة بين الناتج والرفاهية لم تكن دائماً إيجابية إذ ما يهم الناس ويؤثر فيهم ليس درجة النمو وإنما حسن توزعه بين المجتمع والمناطق . في هذه الحال، لا يعود من السهل الدفاع عن حرية الأسواق المالية عندما تنتج سوء توزيع في الثروة والدخل لأن ذلك يؤثر سلباً في رفاهية المجتمع . ما هو أساس العقيدة القائلة بقوة العلاقة الإيجابية بين حرية الأسواق المالية والنمو الاقتصادي؟ لا بد أن نعود إلى مؤسس العلوم الاقتصادية “أدام سميث” الذي تكلم عن “اليد الخفية” التي ترعى الوصول إلى النتائج الفضلى إذا احترمت حرية الأسواق . هنالك “فريديريك هايك” الذي يعطي دوراً كبيراً للأسعار في ترشيد الانفاق والاستثمار . فحرية الأسواق تؤدي إلى وجود أسعار تعكس ندرة السلع والخدمات، وبالتالي تعكس تماماً قيمتها . فالأسواق الحرة، في رأي هايك، تؤدي إلى الاكتفاء بالواقع أي يكون العارضون كما أصحاب الطلب قابلين بما يواجهون في السوق . أما الاقتصاديان الكبيران “كينيث أررو” و”جيرار ديبرو”، فقالا إن الأسواق المكتملة الحرة تؤدي إلى تحقيق نتائج فضلى في المجتمع إذ لا يمكن عبرها تحسين ظروف فريق دون الإساءة إلى أوضاع فريق آخر . جاءت بعدها مجموعة نظريات تقول إن فعالية الأسواق وواقعية عملاء الاقتصاد تبقى كفيلة بإيصال الاقتصاد إلى شاطئ الأمان . سيطرت هذه العقيدة من دون منازع خاصة بعد فشل الاقتصادات الموجهة في الاستمرار بدءاً من سنة ،1989 فتحولت كل دول العالم عملياً إلى النظام الحر . ازدادت ثقة الرأسماليين بالنموذج المنتصر وارتفع تدفق رؤوس الأموال من وإلى الدول الناشئة خاصة في شرق آسيا مما سبب أزمة 1997 . كان هنالك تركيز على حرية التجارة في السلع والخدمات كما على دور قطاع الأعمال الرائد في تحقيق النمو القوي الدائم . حصل تباطؤ في انتقال الأموال لفترة وجيزة بعد 1997 لتعود بعدها للتدفق بسرعة وربما تتجاوز ما حصل سابقاً . استمرت الأوضاع على ما هي عليه وانتعش تدفق رؤوس الأموال الدولية في كل مكان خاصة بين الدول الصناعية، وذلك حتى أزمة 2007 فإذا كان لتجارة السلع منافع كبيرة ومؤكدة، لا يمكن قول نفس الشيء بالنسبة لرؤوس الأموال خاصة القصيرة الأجل التي تأتي للمضاربة فتحدث تقلبات مضرة في الاقتصادين المالي والحقيقي . إذا كان للاقتصاد الرأسمالي الحر منافع كبيرة، فلا يمكن اعتباره النموذج الوحيد للنمو والتطور علماً أن لهذا النظام أشكالاً مختلفة تبعاً للقوانين والإجراءات والرقابة المتبعة . ليس هنالك بالضرورة علاقة إيجابية قوية ودائمة بين حرية أسواق المال وتطورها من جهة والنمو من جهة أخرى، تماماً كما وجد الكتاب الجديد ل “كارمن راينهارت” و”كين روغوف” عبر دراستهم لثمانية قرون من “الغباء المالي” كما وصفوه . أولاً: أطول فترة نمو وازدهار صناعي في الاقتصاد الأمريكي حصلت قبل الحرب العالمية الأولى حيث كانت الحمايات قوية وكانت تعتمد التعريفات المرتفعة تجاه كل السلع . كانت هذه الفترة انتقالية بين بريطانيا كزعيمة اقتصادية للعالم والولايات المتحدة الدولة الحديثة نسبياً التي أصبحت بسرعة العملاق الاقتصادي من دون منازع . ثانياً: اليابان ما بين الخمسينات والتسعينات كما كوريا الجنوبية بين الستينات والتسعينات عرفتا نمواً قل نظيره في وقت تدخلت خلاله الحكومتان بقوة وعمق في الاقتصاد عبر سياسات صناعية لم تعتمد فقط على الحمايات والتعريفات العالية وإنما انتقت القطاعات والشركات التي تم دعمها وتعزيزها . حل القطاع العام تماماً مكان السوق الحرة في تحديد النتائج التي لم تكن دائماً فضلى . مشاكل اليابان وكوريا حصلتا فيما بعد، لكن هذا لا يعني أن الاستمرار في سياسات الماضي كان سيكون ناجحاً . لكل السياسات توقيتها وأماكنها المناسبة، إذ تنجح في بعض الأوقات وتفشل في أخرى تبعاً لتغير الظروف والحكومات والأنظمة . ثالثاً: أما الصين فهو النموذج الناجح الذي اعتمد على خليط من نظام السوق وتدخل الدولة في الاقتصاد . اعتمدت الصين نظام الاقتصاد الحر ضمن نظام سياسي يحكمه الحزب الواحد . فصلت الصين تماماً بين العقيدة السياسية والممارسة الاقتصادية، فأصبحت مضرب مثل للنجاح والجدية في اعتماد ما يناسب . حقيقة، ما المشكلة ولماذا لم يعط كل هذا التحرير المالي النتائج الفضلى التي توقعها له معظم الاقتصاديون؟ في الواقع كبر حجم القطاع المالي كثيراً نسبة للحقيقي بفضل الأسواق المشتقة في الأدوات المالية كما المواد الأولية . ارتفع مثلاً حجم التبادل في الأدوات المالية النفطية في سنة 1998 من أقل مما هو متوافر من إنتاج نفطي إلى 10 أضعاف هذا الإنتاج في سنة 2008 . لم يكن ممكناً أن يستمر تطور أسواق المال بالنمط الحاصل وفي وقت يتعثر خلاله الاقتصاد الحقيقي لأسباب إدارية وسياسية . فأسواق المال تكون مفيدة ضمن حدود معينة، ولا يمكن أن تبقى كذلك عندما تكبر وهذا ما وصفه كتاب “راينهارت وروغوف” بالحماقة أو الغباء . أولاً: كي تكون النتائج إيجابية كان من المفترض أن يتصرف عملاء المال في الأسواق والبورصات بشكل منطقي وفاعل وعقلاني أي بعيداً عن المضاربات والمغامرات . لم يحدث هذا خاصة أن المعلومات لم تكن متوافرة بشكل كامل ومجاني كما كان مفروضاً أو متوقعاً . ثانياً: إن انتقال رؤوس الأموال الطويلة الأمد بين الدول للإيداع والاستثمار جيد، إذ يسهم في تعزيز نمو الدول المضيفة كما المصدرة . أما رؤوس الأموال القصيرة الأجل، فتكون أحياناً مضرة وربما تسقط النقد وتعزز التقلبات المالية الخطرة . قال الاقتصادي الكبير “جون ماينارد كينز” إن الاقتصاد هو علم أخلاقي وليس طبيعياً، فأيننا اليوم من هذه الشروط الأخلاقية؟
ثالثاً: نتيجة الأزمة الآسيوية وخوف الدول الناشئة من حصول أزمات داخلها، سعت لتحقيق فائض في ميزان الحساب الجاري . أما الدول الصناعية، ففعلت العكس وهي تعيش في معظمها ضمن عجز كبير في ميزان الحساب الجاري . لذا تنتقل الأموال اليوم وعلى عكس التوقعات والماضي من الدول الناشئة إلى الغنية تمويلاً لاستهلاكها واستثماراتها . لبنان يبقى من الدول القليلة التي اعتمدت النظام الاقتصادي الحر منذ استقلاله وحتى حرب ،1975 خلال الحرب حصلت الفوضى وعم التهريب، علماً أن لبنان لم يعد بعد إلى ازدهاره السابق بالرغم من كل المحاولات . خسر الاقتصاد فرصاً كبيرة لم يستعدها بعد . هنالك قوانين مهمة يجب أن تصدر حتى يكون ما نمارسه اليوم من نشاط اقتصادي ومالي صحياً وحراً وأخلاقياً بمعنى “كينز” . هنالك مشاريع قوانين مهمة مهملة لم تصدر بعد، كقوانين المنافسة والأسواق المالية وحماية المستهلك وغيرها والتي ستنقل لبنان إلى مصاف الدول ذات الاقتصاد الحر الراقي . حرية الاقتصاد لا تعني أسواق “شريعة الغاب” حيث الشاطر بشطارته بل تعني احترام القوانين والعقود والأخلاق أي لا سلع مغشوشة ولا أدوية مزورة ومن يقوم بصنعها أو استيرادها يعاقب بشدة ضمن القوانين ليس انتقاماً وإنما منعاً للغير في القيام بنفس الشيء . فهل نسير بالاتجاه الصحيح؟
|
| |
|