انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 99165 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: الآثار الضارة للإعلانات التجارية السبت فبراير 12, 2011 10:43 am | |
| الآثار الضارة للإعلانات التجارية
د.خالد صالح الحميدي
الإعلان التجاري، فن راق يهدف إلى تعريف المستهلك بالسلعة لترويجها، فهو علم يدخل ضمن المنظومة الاقتصادية العامة لتحقيق أهداف الربحية للمنتِج، والمنفعة للمستهلك. ولكن، الواقع يُرينا انحرافاً لأكثر هذه الإعلانات، بتجاوزها قيم المجتمع، والذوق العام، وفي بعض الأحيان المنطق! تواجهنا الإعلانات التجارية بكثرة على اللوحات الإعلانية المنتشرة على أطوال الشوارع وأعراضها، وعلى أسقف الأبنية وجدرانها، وجلّها ذو ثقافة غربية، لا تمت بصلة إلى قيم المجتمع وثقافته، بل بعضها يستفزك بوقاحة! خاصة، لمن يدخل في نزاع مع أهل بيته، حول ما يتبعونه من موضات، إن كان في الملبس، أو الشكل، أو الإكسسوارات، لا تليق بهم، وهي معروضة أينما ذهبوا! تنصح أبناءك بعدم تعاطي مشروب غازي ما، لأن الأبحاث تقول إنه يحتوي على مخالفة شرعية، وأضرار جسدية، ولكن الإعلانات التي تروج له تملأ المدينة! إعلانات "مشروبات القوة" و"الطيران"، لا تملأ الشوارع والأبنية فحسب بل والقنوات الفضائية، مع أن الأبحاث تؤكد تأثيرها السلبي على الصحة والعقل على المدى البعيد! كذلك، إعلانات الوجبات السريعة أكثر من أن تُحصى، والأبحاث الغربية بينت مسؤوليتها عن البدانة المسببة لأمراض القلب والشرايين، وغير ذلك كثير! ناهيك عن الصحف التي تنشر تلك الإعلانات، وتدعمها بشباب وشابات، بملابس وإكسسوارات، نحاول نهي أبنائنا عنها. ثم، لم يقتصر هذا الانحراف الإعلاني على ما سبق، بل تمادى ليحول اللغة العربية إلى عبارات مجازية منتقاة، تتلاعب بالغرائز والمشاعر! فتصور معي، عزيزي القارئ، إعلاناً للشيكولاتة يقول، وبالنص الحرفي: "شكل جديد لنعومة أكثر"! وآخر لنوع من الصابون، يقول: "صابون فراولة وكريمة لذيذة"! فكيف أستطيع أن أشعر بنعومة الشيكولاتة إن لم أمرّغ بها وجهي وجسدي؟! وكيف أستطيع أن أتلذّذ بالفراولة والكريمة الموجودة في الصابون إن لم أتذوقها؟! ففي هكذا إعلانات يصبح المعنى المجازي مرفوض، لعدم وقوعه في مكانه الصحيح، فيصبح الإعلان: عبارات مبعثرة لا رابط بينها وبين السلعة! فهل المقصود الاستخفاف بعقول المستهلكين، من خلال عبارات: اللذة والنعومة في غير موضعهما؟ خديعة واضحة تسعى لتلبك عقلي، قفزاً بين عبارات تثير التساؤلات، وتنبه العقل الباطني بأمور اللسان والجسد واللون! ولم تقتصر هذه الإعلانات على الشوارع وجدران الأبنية والصحف، بل تساهم أغلب القنوات الفضائية في الترويج لها، وخطورتها، تكمن، في أنها أكثر إثارة، لما تقدمه تقنية التصوير من الوسائل الإغرائية، من صور وألوان وأجساد، وحيل تقفز من خلالها على القيم والدين، لتحرك الغرائز بهدف شراء هذه السلعة أو تلك! إذا كان المُعلنون، ومصممو الإعلانات، غير آبهين بالمسؤولية التي يجب أن يتحملوها، عن محتوى الإعلان، أمام المستهلك والمجتمع والذوق العام، وإذا كانت المحاكم لا تفصل في ذلك، فعلى وزارة الإعلام، وحماية المستهلك، وغيرها من الجهات الحكومية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، والكُتَّاب، أن يطالبوا، عبر كافة الوسائل، بوضع ميثاق أخلاقي للإعلانات التجارية، أو على الأقل تخفيف آثارها الضارة، عوضاً عن التسهيلات المقدمة لها، فالحرية التي يرتكز عليها الإعلان اليوم، مُفرَدَة أريد بها باطل، إذ إن الحرية، سلاح ذو حدين، قد يدمّر وقد يبني، وحرية هذه الإعلانات شديدة التدمير وغير بناءة.. وخطورتها تكمن في مشاركتها، بطريقة أو بأخرى، في تربية أخلاقيات أولادنا وشخصياتهم، بالتالي، لم يعد الإعلان معيناً للأسرة في التوجيه والتربية، بل أصبح هماً عليها، تترقب سيناريوهات ومخرجات إعلاناته للسلع، المركِّزة على الثقافة الغربية ورسائلها الإيحائية، المضيعة للقيم الدينية، والتقاليد والأعراف المحلية، فتساهم، شئنا أم أبينا، في رسم صورة مجتمع الغد، مجتمع العولمة والتحرّر، الذي نلمحه في تصرفات شبابنا وشاباتنا، أما الأطفال فكثيراً ما يسألون عن معنى بعض الإعلانات التي لم تتقبلها فطرتهم السليمة. لقيد سيطر مال الإعلانات التجارية على قيم المجتمع وثقافته؟ فهل أصبحت هذه الإعلانات شراً لا بد منه؟! ألا نستطيع تدارك الأمر، قبل فوات الأوان؟ وهل من الصعوبة بمكان بناء إعلان تجاري يخاطب ثقافتنا وقيمنا، وهو يروج لسلع تجَّارنا، عبر شتى الوسائل الإعلانية، بما يتناسب مع هويتنا؟ لا بل، بما يتناسب، على الأقل، مع المنطق والذوق العام؟
| |
|