انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 99165 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: ||!!|| هل أصبحت دول النفط العربية عبئا على الامة ؟؟ ||!!|| الجمعة فبراير 18, 2011 10:00 am | |
| ||!!|| هل أصبحت دول النفط العربية عبئا على الامة ؟؟ ||!!||
هل اصبحت دول البترول العربية, وبالاخص في منطقة الخليج العربي, عبئا على الامة العربية بدلا من ان تكون احدى الرافعات لنهضة الامة? هذا سؤال كبير ومتشعب, لذلك دعنا نضع جانبا اشكالات الجوانب السياسية والاقتصادية, والتعامل الخاطئ في كليهما, ولنأخذ كمثل يبّين ما نعنيه الجانبين الثقافي والاجتماعي.
ان الممارسات الاجتماعية والثقافية, واحيانا المبتذلة, في مجتمعات اليسر والبذخ البترولي قد اصبحت حديث العالم كله, فالشباب في هذه المجتمعات يتباهى, بابتذال مفتعل, باقتنائه افخم واغلى السيارات, وبارقامها المتميزة التي ترمز للوجاهة الاجتماعية. وموضات الملابس وساعات اليد في هذه البلدان اصبحت تضاهي صرعات العالم في تنوعها وتبدلها الموسمي واضافات الفخامة عليها, وهناك احصائيات تدل على ان المرأة البترولية تصرف على عطورها اضعاف ما تصرفه امرأة اليسر الغربي والشرقي على السواء, واما التنافس على اقتناء ارقام الهواتف النقالة البالغة التميز وشرائها باسعار خيالية, او على اقتناء ناقة تبز في جمالها وتناسقها كثيرا من النساء, او التنافس بين بعض المسؤولين الكبار على احجام ومميزات اليخوت والطائرات الخاصة والقصور, فقد وصل الى مراحل الاسراف الاستهلاكي فيما لا يدل الا على ضحالة الفكر وطفولية المشاعر.
والخلق الذي يسقط صريع تلك المظاهر الاستهلاكية لا يمكن الا ان يسقط صريع العادات الاجتماعية المصاحبة لها. من هنا بذخ الصرف الجنوني على حفلات الزواج ومناسبات الاعياد او اقتناء مساكن فخمة في عدة مدن ومصايف وشواطئ من دون السكن فيها الا نادرا, من هنا التفاخر بعدد المغامرات, بل من هنا وصول بعض المدن الى مراحل ايوائها لكل رذيلة. من هنا الاستهتار بانظمة السير وانظمة الجلوس في الاماكن العامة.
وبالطبع في هذا الجو المادي الحسي الغريزي البحت تثور براكين الفساد الذممي والمالي والوظيفي في ادنى المستويات واعلاها من المؤسسات العامة والخاصة, وكذلك تسود بيروقراطية المحسوبية والاستزلام والزبونية وضعف الالتزام باخلاقه وانظمة العمل.
لا يحتاج الانسان الى ان يستطرد اكثر, فالبلاء كبير ويشاهده الانسان في الف صورة وصورة ووراء الف قناع وقناع, وما كان لذلك التشوه الثقافي والاجتماعي ليقلقنا كثيرا, اذ ان مجتمعات اليسر البترولية هي ظاهرة مؤقتة ستنتهي بنهاية حقبة البترول التي لن تطول, لولا ان ذلك التشوه قد انتشر الى كل الارض العربية, وعلى الاخص بين الطبقات الموسرة المتحكمة في الثروات المجتمعية في تلك الارض, ولا تسلم عاصمة عربية, حتى في افقر البلدان العربية, من وجود جيوب مشابهة بالضبط لما تعيشه مدن الرفاه البترولية, فافراد الطبقات الموسرة في مدن البلدان العربية غير البترولية قد نجحوا في محاكاة تلك العادات والطباع المشوهة, بل وزادوها ابتذالا وانحطاطا واصبح افراد تلك الطبقات من المصريين والسوريين واللبنانيين والمغاربة والسودانيين وغيرهم لا يختلفون في تصرفاتهم الاستهلاكية والمظهرية والتنافسية عن بعض الخليجيين.
وهكذا, وبدلا من استعمال الثروات المحدودة في بلدان العرب غير النفطية في بناء التنمية في تلك البلدان, فانها تستعمل من قبل ناهبي وسراق الثروات في التماثل مع اغنياء ومترفي بلدان البترول. وهكذا ساهمت البلدان البترولية, عن قصد او غير قصد, في تشويه العادات والتصرفات الاجتماعية والثقافية في كل الوطن العربي, ولما كان الوطن العربي يعيش محن الاحتلال الاستعماري, ومخاطر البربرية الصهيونية, ومحن التجزئة والتخلف الاقتصادي والجمود الثقافي والتسلط الاستبدادي, فان آخر ما كان يحتاجه هو ان انسانه يعيش هذا التشوه المفزع ليصبح انسانا بلا ارادة وبلا قيم وبلا جدية. وبالتالي انسانا غير قادر على احداث النهضة التي طال امد انتظارها.
من هنا فان هذا العبء الاجتماعي والثقافي لمجتمعات اليسر البترولي يساهم في تقوية وترسيخ العبء السياسي والاقتصادي الذي بدوره اصبح احد كوابيس الحياة لهذه الامة.
| |
|