انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 99165 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: ||!!|| هل هذا حقاً الإقتصاد الذي نريد؟ ||!!|| الجمعة فبراير 18, 2011 10:00 am | |
| هل هذا حقاً الإقتصاد الذي نريد؟
لكل أمة إرثها التاريخي ونظامها الإجتماعي والسياسي وكذلك نموذجها الأقتصادي الذي يميزها عن غيرها من الأمم ويصنع رخائها ورفاهيتها وقبل هذا وذاك يسيتجيب لحاجاتها من خلال إستغلال إمكانياتها لتحقيق تطلعات أبناءها وحفظ أموال أغنياءها وكرامة فقراءها, فلا مستقبل لأمة ولا حاضر ما لم توفر الحد الأدنى من الحاجات من فرص تعليم وفرص توظيف تقي صاحبها شر الفقر وتكفيه ذل المسألة وقبل فرص التعليم والتوظيف توفر لمواطنيها الحد الأدنى من الكرامة التي يستحقها الإنسان أي إنسان , ومن هذا المنطلق تسعى الدول كبيرها وصغيرها غنيها قبل فقيرها حثيثاً إلى تحقيق التنمية الشاملة بأبعادها المتعددة الإجتماعي والسياسي والإقتصادي , ولعل البعد الإقتصادي يمثل أهمية خاصة قد تفوق الأبعاد الأخرى لأنه الأساس التي تقوم عليه التنمية بمفهومها الشامل فلا تنمية شاملة مع الفقر ولا تنمية شاملة مع البطالة ولا تنمية شاملة مع الجوع , والدول العربية والخليجية في هذا المقام ليست إسثناء في سعيها لتحقيق التنمية الشاملة بصفة عامة والتنمية الإقتصادية على وجه الخصوص من خلال تبني مقاربتها الخاصة التي تميزها عن باقي الدول العربية والأجنبية , ودولة الإمارات بدورها كان لها مقاربتها ونموذجها الإقتصادي التي ميزها عن باقي الدول العربية والخليجية والذي قام في المقام الأول على الإنفتاح على الإقتصاد العالمي , وهذا الإنفتاح كانت له جوانبه المتعددة منها ما يتعلق رؤوس الأموال والإستثمارات الأجنبية ومنها ما يتعلق بالعمل والأيدي العاملة ومنها ما يتعلق بالنشاطات والقطاعات المفتوحة والمتاحة للمال والعامل الأجنبي والتي لا يوجد أي قيد يذكر عليها , ومنها ما يتعلق بالتسهيلات والإعفاءات التي تتمتع بها رؤوس الأموال والعمالة الأجنبية التي تمارس نشاطها في الإقتصادي الوطني للدولة , وقد كان لهذا الإنفتاح العديد من قصص النجاح أو القصص التي كان يراد لها أن تُرى على أنها قصص نجاح كما كانت لها تكلفة عالية مباشرة وغير مباشرة , وقد كشفت الأزمة الإقتصادية العالمية الأخيرة الكثير من الجوانب التي لم تكن ظاهرة أو تلك التي كانت ظاهرة لكنها لم تكن تُرى أو لم يكن يراد لها أن تُرى ما يفتح الباب واسعاُ للعديد من الأسئلة والتساؤلات لعل أهمها ورأس سنامها التساؤل الاَتي: هل هذا حقاً الإقتصاد الذي نريد؟؟؟
1. العمالة الأجنبية والبطالة الوطنية لعل أحد أبرز الجوانب السلبية في الهيكل الإقتصادي الوطني يتمثل في ظاهرة البطالة التي بدأت تطفو على السطح وأخذت في التفشي بين العمالة الوطنية بالرغم من وجود ملايين الأيدي العاملة الأجنبية الماهرة وغير الماهرة وشبه الماهرة , ولعل أهم ما تكشف عنه ظاهرة البطالة بين العمالة الوطنية هو الخلل الكبير في سوق العمل الذي يعتمد بشكل أساسي على العمالة المستوردة التي تعد بالملايين في حين يعجز عن إستيعاب عن بضعة اًلاف من العمالة الوطنية التي تدخل السوق كل سنة , كما تكشف عن القصور الشديد في الحماية التي من المفترض أن توفرها التشريعات المنظمة للعمل وسوقه للعمالة الوطنية من المنافسة الأجنبية , إذ أن الكوادر الوطنية -والواقع كذلك- تعاني من منافسة شديدة من كل عمال العالم والمطلوب من الكادر الوطني للحصول على فرصة عمل في سوق العمل المحلي أن يكون الأرخص على مستوى العالم (أرخص من العمالة الاًسيوية) وفي نفس الوقت أن يكون الأجدر والأكفأء والأوسع خبرة كذلك على مستوى العالم (أكثر من العمالة الأوروبية)
2. التكلفة العالية والعائد المنخفض والجانب الثاني يتمثل في التكلفة المباشرة وغير المباشرة التي يتحملها الإقتصاد الوطني نتيجة ممارسة النشاطات الإقتصادية سواءاً الإستهلاكية أو الإنتاجية , ويشمل ذلك التكلفة الإقتصادية المباشرة المتمثلة في تكلفة البنى والخدمات والموارد التي يتم توفيرها للشركات العاملة في الدولة إما بالمجان أو بمقابل رمزي لا يغطي تكلفة توفيرها , ما يعني أن الشركات العاملة في الدولة سواءاً الوطنية أو الأجنبية لا تتحمل جانب كبير من التكلفة المباشرة الناشئة عن ممارستها لنشاطاتها في الدولة , وقد كشفت دراسة حديثة أن الإقصتاد الإماراتي يتحمل تكلفة مباشرة تتجاوز الـ 55 مليار درهم سنوياً ناتجة عن ممارسة القطاع الخاص والشركات العاملة فيه لنشاطاتها الإقتصادية دون أن تساهم سواءاً بشكل ملموس في تحمل هذه التكلفة , كما يشمل كذلك التكلفة البيئية والتقافية غير المباشرة التي لا تتحملها الشركات العاملة في الدولة والتي لو قدر لها أن تتحملها هذه الشركات لما كانت قادرة على الإستمرار في العمل , وفي مقابل هذه التكلفة العالية فإن العائد منخفض إن لم يكن معدوماً إذ أن الكثير من الشركات العاملة في الدولة لا تسهم في توفير الكثير من فرص العمل للكوادر الوطنية التي ما تزال تعتمد على فرص العمل التي يوفرها لها القطاع العام , كما أنها من جانب اًخر لا تساهم بشكل فعال من خلال الضرائب في تعزيز الموازنة العامة التي ما تزال تعتمد بشكل كبير وأساسي على عوائد النفط
3. إقتصاد “محلي” وليس قومي للإقتصاد الوطني مفهومين أو إطارين يحددا ويميزا عناصر الإقتصاد الوطني لأي دولة عن سواها , المفهوم الأول هو الناتج القومي الإجمالي (Gross Nation Product) الذي يشمل ما يتم إنتاجه من سلع وخدمات بإستخدام عناصر إنتاج وطنية (رأسمال-عمالة-أرض وموارد أولية) حتى وإن تم ذلك خارج إقليم الدولة , أما المفهوم الثاني فهو الناتخ المحلي الإجمالي (Gross Domestic Product) ويشمل ما يتم من أنتاجه من سلع وخدمات داخل إقليم الدولة وإن تم بإستخدام عوامل إنتاج غير وطنية , وإذا كان الناتج القومي لإقتصاد ما أكبر من الناتج المحلي فإن هذا يعني أن هذا الإقتصاد يصدر الإستثمارات أما إذا كان الناتج المحلي أكبر فإن هذا يعني إن الإقتصاد يستورد الإستثمارات , وبالنظر إلى الوضع في الإمارات فإن المراقب يجد –بالرغم من عدم وجود إحصائات دقيقة- أن الناتج المحلي للدولة يكبر ناتجها القومي ما يشي بأن الدولة من الدول المستقطبة للإستثمارات , لكن هذا وإن كان نسبياً صحيح –أي أن الدولة من الدول المستقطبة للإستثمارات الأجنبية- إلا أن هذا لا يفسر زيادة الناتج المحلي على الناتج القومي للدولة وذلك لسبب بسيط هو كون الدولة في مقدمة الدول المصدرة لرؤوس الأموال المتمثلة في فوائد عائدات النفط , لذلك فقد يكون التفسير الأقرب إلى الواقع هو أن الإقتصاد الوطني الإماراتي هو في المجمل نتاج نشاطات إقتصادية تعتمد إستثمارات غير وطنية وأيدي عاملة غير وطنية لتلبية إستهلاك غير وطني ما يعني أنه في الحقيقة إقتصاد أجنبي على أرض الدولة.
4. النزيف المالي المتواصل نتيجة إعتماد الإقتصاد الوطني في الدولة على الأيدي العاملة الأجنبية إضافة إلى الإعتماد على الإستيراد لتلبية معظم الإحتياجات إن لم يكن كل الإحتياجات الإستهلاكية فإن الإقتصاد الإماراتي يعاني من نزيف مالي كبير ومزمن بتيجة التحويلات المالية التي تقوم بها العمالة إلى بلدانها الأصلية الأمر الذي يؤثر على مستوى السيولة , فقد قدرت أحدى شركات الصرافة المحلية تحويلات العاملين في الإمارات بـ 120 في عام 2010 وهو ما يقرب من ثلثي عوائد النفط هذا طبعاً بالإضافة إلى التحويلات التجارية الأخرى , وإذا ما إفترضنا أن للإقتصاد الوطني بوابتي خروج ودخول فإن الدولار الذي يدخل إلى الإقتصاد الوطني من مبيعات النفط في الغالب الأعم لا يمكث أكثر من أسابيع وربما أيام معدودة فيه ما يلبث يغادر إلى دولة أخرى.
لكن ما الذي يعنيه كل هذا؟ لعل أبرز ما يمكن إستنباطه مما عرض من وضع للإقتصاد الوطني هو أن أرقام النمو التي تخرج –بالرغم من صحتها- ليس لها أي دلالة بل ربما تكون لها دلالة سلبية، فعلى سبيل المثال فإن إرتفاع أرقام التجارة الخارجية أو أرقام النمو الإقتصادي أو أرقام التشغيل قد لا تعكس بالضرورة قوة الأقتصاد الوطني أو تحسنه بل قد تعكس تراجعه، إذ أن النمو الإقتصادي الناتج عن التوسع في النشاطات المكثفة للعمالة –خاصة غير الماهرة- أو الناتجه عن الصناعات ذات التكلفة البيئية العالية أو النمو الإقتصادي غير المستدام والذي تصاحبه معدلات تضخم عالية أو تكلفة إقتصادية أو أجتماعية عالية لا يعتبر شيئاً جيد بالرغم من كونه نمو إقتصادي لأنه لا ينعكس على كفاءة الإقتصاد الوطني أو رفاهية المواطنين بل على العكس من ذلك تماماً , لذلك إعتقد أنه بعد مرحلة التسارع التي مر بها الإقتصاد الوطني مع بداية الألفية وبعد الأزمة الإقتصادية التي شكلت في هذا الجانب فرصة لوفقة تعبوية تُعاد فيها الحسابات بعد كل هذا جاء أوان طرح التساؤل الذي طالما تجنبنا طرحه وهو: هل هذا حقاً الإقتصاد الذي نريد؟؟؟
| |
|