انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 99165 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: •|.♥.|•| نقد رواية |•|.♥.|•| الجمعة فبراير 18, 2011 2:26 pm | |
| •|.♥.|•| نقد رواية |•|.♥.|•|
نقد الرواية :-
لقد اهتم النقد الواقعي العربي بفن الرواية – والفنون السردية عامة - اهتماماً خاصاً ينسجم واهتمام النقد الواقعي الغربي بها . فقد رأى هذا النقد في الرواية حاملا أدبياً لمعظم أطروحاته النظرية , والحقيقة أن النقد الواقعي العربي و نقد الرواية أولاً , وإن كان هذا لا يعني عدم اهتمامه بالفنون الأخرى . غير أن الرواية تقدّم مادة غنية لمسألة العلاقة بين الأدب والمجتمع , وما يتفرع منها كالنمذجة والموضوعية والمصداقية الاجتماعية – التاريخية .... ومن هنا لاغرابة في أن يعزز النقد الواقعي مسيرة الرواية العربية بالتنظير حيناً , والتطبيق حيناً آخر , ونتوقف في هذا المجال عند (محمود أمين العالم) في نقده رواية (( عودة الروح )) لتوفيق الحكيم . -يتناول محمود أمين العالم في كتابه ((توفيق الحكيم – المفكر والفنان)) بالدراسة والتحليل إبداع الحكيم وفكره وأطروحاته النظرية عبر أعماله الأدبية الروائية والمسرحية , ومنها رواية ((عودة الروح )) التي يرصد فيها الحكيم ثورة 1919 في مصر من خلال أسرة صغيرة مكونة من الشاب محسن الذي ينضمّ إلى أعماله في حي البغّالة بالسيدة زينب آتياً من قريته الصغيرة , لكي يتعلّم مادة الرياضيات على يد أحد أعمامه , ويعيش محسن مع أعمامه الثلاثة وعمته والخادم , يقع الجميع - ماعدا العمة طبعاً – في حبّ الجارة سنية – وهي ابنة طبيب , وهي نموذج للمرأة المصرية العصرية , تعزف على البيانو , وإن تكن ماتزال تنظر إلى الحياة من وراء ستائر النافذة , غير أن سنية لا تبادلهم الحب لأنها تقع في حب الجار الآخر مصطفى , وهو شاب ميسور الحال يبحث عن وظيفة في القاهرة بعشرة جنيهات تاركاً أباه يعمل في دكانه في كفر الزيات , ويصطدم حب سنية لمصطفى بحب العمة له , التي كانت تحلم بالزواج منه وعلى أية حال فإن ((الشعب الصغير))- محسن وأعمامه والخادم - يصطدم بالإخفاق في حب سنية , غير أن هذا الحب يرتقي بهم , وهذا ما يحدث أيضا مع حب سنية لمصطفى يرتقي به أيضاً , إذ يتحول من إنسان خامل إلى إنسان ذي طموح و آمال , ثم تقوم ثورة 1919 فيشارك الجميع في الثورة – كما شاركوا في حب سنية – ويعتقلون في زنزانة ضيقة واحدة , مثلما كانوا يعيشون معاً في غرفة واحدة . -تلك أحداث ((عودة الروح)) بإيجاز شديد , فكيف نظر ((محمود أمين العالم)) إليها ؟ -يرى العالم أن الرواية أكبر من تلك العناصر والأحداث , ولابد من النظر إليها بعين الرمز, غير أنه ينفي ما يذهب إليه بعض النقاد من أن (سنية) هي رمز لمصر أو أنها رمز للمرأة الجديدة , إن (( سنية لم تكن رمزاً لمصر بل كانت وسيلة رمزية للتعبير عن الحب الحافز , الحب المحرك سواء بالنسبة للإنسان الفرد أو للإنسان الجماعة )) -يرتبط بمفهوم الحب الحافز مفهوم آخر هو ((القلب))حيث يرى ((محمود أمين العالم)) أن مفهوم القلب يشكل محورا أساسيا من محاور فكر الحكيم ومنه , فهو يقول في ذلك (( إن هذا الشعب الذي تعرفه جاهلاً , لديه أشياء كثيرة , ولكنه يعلمها بقلبه لا بعقله , جئ بفلاح من هؤلاء ,أخرجْ قلبه تجد فيه رواسب عشرة ألاف سنة من تجارب ومعرفة )) ولعل مفهوم القلب هو الذي يقف وراء محدودية الرواية كما يرى العالم , فحتى ثورة 1919 بدت للحكيم مجرد انفجار عاطفي لا ثورة واعية يلعب الصراع الاجتماعي دوراً فيها, يقول الحكيم : ((العاطفة انفجرت في قلوبهم في لحظة واحدة لأنهم جميعاً أبناء مصر ولهم قلب واحد )). إن الثورة - وفق هذا المنطق - نتاج عاطفي لا واع يكاد يوازي حب الشعب الصغير لسنية فالرواية إذن تدافع عن منطق القلب , وبذلك ينفي العالم العقل والتخطيط الواعي للثورة . - وفي مقابل مفهوم القلب يؤكد العالم أن الرواية تقدم صورة الفلاح المصري, فهذه الرواية دفاع مجيد عن ذلك الفلاح, ونحن لا نرى فيها تلك الرواية الرومانتيكية الخالصة للريف كما عند هيكل في رواية (زينب), إن الفلاح في (عودة الروح) (( ليس سطحاً بل ذو أبعاد قومية وتاريخية واجتماعية وفي أعماقه عراقة التاريخ المستمر الموحد وفي حاضره بشاعة الاستغلال ولكن الرواية في الحقيقة لا تقف طويلا عند هذا الحاضر, وما يزخر به من صور الاستغلال وإنها تركز عنايتها على هذه الاستمرارية التاريخية التي تتسم بالوحدة العاطفية, وحدة القلب)) - لقد افتقدت الرواية جراء ذلك الرؤية الاجتماعية الموضوعية , بمعنى أن البعد العاطفي قد أساء إلى الرواية مثلما أساء إلى ثورة 1919, فبدت انفجارا عاطفيا فحسب, وعلى الرغم من وجود صور الاستغلال في الرواية , فإن ثمة محدودية في القول إن تلك الثورة قد قامت من أجل مجرد المطالبة بعودة سعد زغلول من منفاه - إن تلك الثورة كانت تمرداً على الاحتلال ونضالاً من أجل الاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية - كما يرى العالم- ولهذا فنحن رواية( لا نحس من عودة الروح أي انعكاس للصراع البطولي العنيف الذي شنّه العمال والفلاحون خاصة ضد الاحتلال البريطاني والاستغلال الاجتماعي , بل لا نكاد نحس بعداء نحو هذا الاحتلال )) . - وفي النتيجة فإنّ عودة الروح ليست سوى تعبير عن مفهوم عاطفي بحث للوحدة القومية -أي الوطنية المصرية- وقد تعمقت هذه الوحدة بالأحداث الروائية والشخصيات المرسومة بعناية كبيرة, ولعل قيمتها الفنية والوطنية الكبرى تكمن في هذا الجانب , غير أن هذه القيمة كما يرى العالم , تبقى محدودة بإطار المفهوم العاطفي البحت والخالي من أي إحساس بصراع اجتماعي, مع أن هذا الصراع كان محتدما في الواقع المصري , ولكن الإلحاح على تلك الوحدة الوطنية قد همش ذلك الصراع في الرواية , بل لقد ألغاه تماماً, ويفسر(العالم) ذلك الإلغاء من خلال ربطه بفكر الحكيم القائم أساسا على التوازن والتعادل بين العقلانية واللاعقلانية , إذ إن هذا التوازن دفعه إلى نفي الصراع وتوكيد الوحدة والوفاق . إن ما تقدم يؤكد أن الناقد ينفي- بحسب منهجه النقدي الواقعي- عن رواية(عودة الروح) المصداقية التاريخية – الاجتماعية , فثمة بهذا النحو أو ذاك , نوع من التزييف الأدبي لما هو اجتماعي , كما أن ثمة ذاتية إيديولوجية جعلت الحكيم غير موضوعي في رصده الروائي لفترة الثورة , ولوعي الحركة الاجتماعية , ولعل كل ذلك يعود إلى الانطلاق من الفكر أو الإيديولوجية إلى الإبداع الأدبي , لا من الظاهرة أو الواقع الاجتماعي الموضوعي إلى الأدب, بحسب مفهوم الانعكاس الواقعي .
| |
|