انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 99165 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: حياتنا الاقتصادية بعيداً عن القوانين الأحد فبراير 20, 2011 11:53 am | |
|
حياتنا الاقتصادية بعيداً عن القوانين
إبراهيم غرايبة 22/6/1427 18/07/2006
تشير الإعلانات المنشورة، وبخاصة في الصحف الإعلانية المتخصصة أو الإعلانات المعلقة في المحلات التجارية، وفي الشوارع وعلى أعمدة الكهرباء إلى تنامي قطاع واسع من النشاط الاقتصادي بعيداً عن العمل المؤسسي الخاضع للتشريعات التي تنظم العمل الاقتصادي والتجاري، وفي أحيان كثير مثل النشاط العقاري يؤكد المعلن على رغبته بعدم تدخل المكاتب العقارية، ويعلن أيضاً عن استعداده لترتيب عقود بالبيع بالتقسيط بدون تدخل البنوك والمؤسسات التمويلية. وفي هذه اللحظة التي أكتب فيها فإني أراقب من النافذة سيارة نقل صغيرة تتوقف بجوار حاوية للنفايات، ويترجل منها شابان يفتشان في الحاوية وفي الساحة المحيطة عن علب وأشياء مختلفة يمكن بيعها في سوق خاصة بتسويق وإعادة تصنيع وتدوير النفايات، وهي صناعة تدر دخلاً جيداً على الرغم مما يبدو عليها من مهانة وبؤس. وأنا أيضاً أعمل في منزلي؛ إذ أستطيع من خلال جهاز الحاسوب المربتط على مدار الساعة بشبكة الإنترنت أن أتابع الصحف والمصادر التي أحتاجها، وأبعث عبر البريد الإلكتروني أعمالي الصحفية إلى الصحف ومواقع الإنترنت، ويمكنني عبر الشبكة تبادل المعلومات والخدمات وإجراء الحوارات الصحفية والعملية مع الزملاء لتنظيم وإدارة العمل والإنجاز الصحفي. وما بين العمل الاقتصادي القائم على الحاويات والعمل الفردي غير المؤسسي عبر شبكة الإنترنت ثمة قطاع واسع من الأعمال المختلفة والمعقدة مما لا تنظمها دائرة الإحصاءات العامة والضريبة ووزارات العلم والصناعة والتجارة، بدءًا بالاستشارات والأعمال المحاسبية والتصميم وانتهاء بإعداد المفتول والوجبات الغذائية والمعجنات والقهوة في المنازل وتوزيعها على البيوت والمكاتب. وتتطور أعمال ربات المنازل من إعداد الوجبات والمطرزات والخدمات المنزلية إلى تسويق المنتجات والأدوات المنزلية وأدوات التجميل بتنظيم تجمعات ولقاءات اجتماعية لربات المنازل في البيوت، بل وتقوم ربات المنازل في بعض الدول بإدارة عمليات الحجز لرحلات الطيران والفنادق عبر الشبكة العنكبوتية. وهناك أيضاً التدريس الخصوصي، وهو قطاع يتنامى، ويكاد يشكل بديلاً فاعلاً للمؤسسات التعليمية الرسمية منها والخاصة أيضاً، والتي تواجه تحديات كبرى تجعلها عرضة لتغييرات جذرية ستزيد كثيراً من مشاركة الأسر في إدارتها وتنظيمها والرقابة عليها وبخاصة مع تنامي دور الإنترنت في التعليم. وبالطبع فإنها ظاهرة عالمية تلجأ إليها جميع المجتمعات من أجل الإبداع وتحقيق الذات، وتوسعة مصادر الدخل، ومواجهة الأعباء والتحديات، التحايل على قسوة وتعقيد متطلبات الحياة، ولكنها في كثير من الأحيان تكون استجابة طموحة لتحديات وفرص التحولات والوعود الاقتصادية الناشئة. وبعيداً عن العمل القانوني فثمة قطاع واسع من العمل غير القانوني وغير الخطير أيضاً مثل تهريب البضائع على نحو فردي من خلال الرحلات الفردية ثم تسويقها، ومن أطرفها وأغربها عمليات العلاج بالحجب والقراءة والتحكّم بالجن التي تحوّلت في مرحلة (يبدو أنها تتراجع ومتجهة إلى الانحسار) إلى ظاهرة اقتصادية واجتماعية جعلت أطباء يحوّلون عياداتهم إلى مراكز للعلاج بالقرآن، ومن الغريب أن بعض هذه العيادات الطبية التي كانت تعاني من إعراض تحولت إلى مركز يستقبل العشرات يومياً، وتحتاج للانتظار ساعات طويلة حتى تستطيع الدخول إلى الطبيب ليعالجك بالقرآن والأدعية والأعشاب والمواد الشعبية الطبية وغير الطبية، ويخلصك من آلام الظهر والديسك والجن والصداع والعقم والحساسية والسكر والسرطان. ودخل إلى السوق أكاديميون وصيادلة مستخدمين شهاداتهم العلمية والفضائيات والإعلانات الصحفية. يشمل مفهوم الاقتصاد غير الرسمي قطاعاً واسعاً من النشاط والعمل الاقتصادي، القانوني وغير القانوني، والمؤسسي والفردي، والبدائي والمتقدم، ويعمل فيه الأغنياء والفقراء، ويزدهر في الدول المتقدمة والنامية أيضاً، وما يضع هذا القطاع الواسع المتنوع والمختلف تحت اسم "غير الرسمي" أنه لا يخضع للتوثيق والإحصاء وتنظيم ومراقبة الجهات الرسمية المختصة كالصناعة والتجارة والعمل والضريبة. ويشكل الاقتصاد غير المنظم أو غير الرسمي حوالي خمس الناتج المحلي في الأردن، و27% من الاقتصاد الأمريكي، ويستوعب ربع القوى العاملة الأردنية، ويكسب حوالي 90% على الأقل من العمال في الهند معيشتهم من وظائف في القطاع غير الرسمي، ويسهم هؤلاء العمال بنسبة 60% من الناتج المحلي الصافي، وبنسبة 70% من الدخل المحلي، ويعمل أكثر من نصف السكان النشطين اقتصادياً في الفلبين في المؤسسات الصغيرة جداً، ويشكل الاقتصاد غير الرسمي 49% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي في البيرو، و70% في نيجيريا ومصر، ويبلغ عدد المؤسسات الصغيرة جداً في أوكرانيا (2.6) مليون مؤسسة تمثل 87% من جميع الشركات في ذلك البلد، وتتكون من أفراد يعملون لحسابهم الخاص، يُنتجون ويوزّعون و/أو يبيعون السلع في السوق المحلية، وتعتمد الم@-@@-@@-@ك على مؤسسات الأعمال الصغيرة جداً لتوليد 32% من إنتاجها القومي الإجمالي 64% من مجمل العمالة فيها. ويشمل الاقتصاد غير المنظم قطاعاً واسعاً من الأعمال، مثل المؤسسات الصغيرة التي يقل عدد العاملين فيها عن رقم معين تحدده القوانين والتشريعات في الدول (خمسة في الأردن وتسعة في مصر) وفئات العمل المهمشة مثل عمال المياومة، وعمل ربات المنازل، والنقل بالسيارات الخاصة، والأنشطة غير القانونية مثل التهريب، وأعمال قانونية لكنها تُمارس بدون تنظيم قانوني، والباعة المتجولون وباعة الأرصفة والساحات والبسطات الصغيرة، والحيازات الصغيرة جداً، وتربية المواشي والطيور والنحل بأعداد قليلة، والأعمال المنزلية مثل الأطعمة والملابس والمشغولات لأغراض الاستهلاك أو الاتجار المحدود، والوساطات التجارية والتسويق عبر الوسائل الشخصية المحدودة أو بالهاتف والبريد الإلكتروني، والتدريس الخصوصي، والخدمات المنزلية مثل رعاية الأطفال وكبار السن. وتكشف الدراسات والمسوحات في الأردن أن قطاع البناء يستوعب حوالي (30) ألف عامل غير منظم، من بينهم عشرة آلاف عامل غير أردني. ويغلب على تعامل الحكومات مع هذا القطاع الاقتصادي ملاحقة المخالفين للقوانين التي تنظم العمليات التجارية والاقتصادية دون ملاحظة أنه قطاع متميز يمكن أن يستوعب ويوفر جزءاً كبيراً من الاحتياجات المالية والعملية للأفراد والأسر والمجتمعات، أو يشكل دخلاً إضافياً لها، أو يبدع أفكاراً ومشروعات مهمة؛ وبخاصة في مرحلة انتشار شبكات الاتصال والمعلوماتية التي يمكن أن تعطي فرصاً واسعة لأعمال ومشروعات غير رسمية لكنها متقدمة مهنياً وتقنياً. في الأردن على سبيل المثال يبلغ عدد المؤسسات الصغيرة المسجلة حوالي (125) ألف مؤسسة حسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة عام 1999، ولا بد أنها اليوم تزيد كثيراً على هذا الرقم، وقدرت الدائرة مجموع رأسمال هذه المؤسسات بحوالي (1200) مليون دولار، ويبلغ عدد العاملين فيها أكثر من مائتي ألف شخص، وهي إحصاءات وأرقام تعوزها الدقة والإحاطة بالطبع، فهذا النوع من النشاط لا يخضع تماماً لأنظمة قيود وحسابات وسجلات، كما أن جزءاً كبيراً من العمل فيه يقوم على علاقات شخصية واجتماعية ومواسم عمل غير ثابتة، ويتميز أيضاً بمرونة عالية في تدبير رأس المال والنفقات والتشغيل، وبغلبة الطابع العائلي الذي يعني أنماطاً من العمل والأجور والعلاقات يصعب حصرها وتسجيلها. يبدو القطاع غير المنظم من وجهة نظر كثير من المؤسسات الحكومية ساحة لتسويق الممنوعات والبضائع المهربة أو التالفة أو غير المطابقة للمواصفات، كما أنه ينطوي على كثير من المخالفات والانتهاكات، مثل تشغيل الأطفال، واستغلال العاملين وعدم الالتزام بحقوق العمال وإجراءات السلامة، والتهميش الاجتماعي والمهني، ومحدودية فرص الارتقاء الحرفي والمهني. وفي المقابل فإن كثيراً من الخبراء والنشطاء في التنمية والديموقراطية الاجتماعية يرون فيه فاعلية اجتماعية تطور ديناميكيات المجتمع والأفراد لإبداع علاقات تجارية واجتماعية تساعد في تحقيق الاحتياجات، وترفع مستوى المعيشة، وتخفف من الضرائب والنفقات. وبالطبع فإن الاعتراف بهذا القطاع في المجالات القانونية والمسموح بها في التشريعات السارية يساعد على تطويره ورفع كفاءته، وإفساح المجال لأكبر قدر من المواطنين المشاركة في الحياة الاقتصادية، والقدرة على العمل والإنتاج والادخار مع السعي لتطبيق حقوق العاملين وتدريبهم ورفع كفاءتهم، ودمجهم ومشاركتهم في منظومة التعليم المستمر والتحديث والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والرعاية العامة. فالأسواق والمجتمعات تنشئ قوانينها وآلياتها، وتطور نفسها، وتنظمها وفق احتياجاتها، ولا تحتاج سوى لتدخل قليل للتأكد من الوفاء بالحقوق والمواصفات والمعايير الفنية والصحية التي تضعها المؤسسات المختصة، وفي أحيان كثيرة فإن الاقتصاد غير المنظم يواكب التقنية والتطور المهني أكثر من الاقتصاد المنظم، وبخاصة مع تطور شبكات الإنترنت والاتصال والأجهزة التقنية الصغيرة، مثل الحاسبات وآلات النسخ وأجهزة العمل والصيانة المختلفة. وربما يكون الحل في تطوير وتفعيل برامج الضمان الاجتماعي، والتأمين بمختلف أنواعه لتشمل جميع المواطنين بدون ارتباط بمؤسسات العمل، ولكن غياب ثقافة الادخار والنظرة بعيدة المدى للمصالح والمخاطر والاحتمالات وغلبة إلحاح الأولويات والاحتياجات والتطلعات الاستهلاكية تقلل كثيراً من فاعلية هذه البرامج. وقد يكون ثمة ضرورة لتطوير القوانين والتشريعات لدفع المواطنين نحو المشاركة وإلزامهم بذلك، وربما يكون أهم من ذلك وأجدى إنشاء صناديق وطنية للمشاركة في أعباء الضمان، والتأمين للمواطنين غير القادرين أو الذين يعملون في القطاعات غير المنظمة، فتتولى هذه الصناديق جزءاً من أقساط الضمان والتأمين كما تفعل المؤسسات للعاملين لديها، وقد يشجع ذلك قطاعاً واسعاً من المواطنين الذين يعملون في الزراعة والاقتصاد غير المنظم والعاطلين عن العمل للمشاركة في هذه البرامج، ويعطي مسوّغاً لإلزامهم بالتدريج. ويمكن للتوسع في إنشاء الجمعيات والاتحادات المهنية أن يطور ويستوعب الاحتياجات التدريبية والتكافلية للعاملين في هذه القطاعات. وتحتاج الاتحادات والجمعيات والنقابات العمالية والمتخصصة القائمة بالفعل إلى مشاركة وفاعلية أوسع لتحقيق مثل هذه المكاسب لمنتسبيها، فكثير من هذه الاتحادات والنقابات والجمعيات غائبة تماماً عن هذا الدور، وبعضها لا تكاد تشارك في مجال تنظيم وتفعيل مكتسبات منتسبيها. تقول (إمّي سيمونز)، مساعدة مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، إن الحكومة الأميركية تعتقد أن أحد العناصر الأساسية في إستراتيجيتها الرامية إلى تقليص الفقر يكمن في مساندة النشاطات التجارية والصناعية الصغيرة المسمّاة مؤسسات الأعمال الصغيرة جداً. وتضيف (سيمونز) أنه تتم حالياً توسعة نطاق هذا الدعم لمعالجة بعض أكثر التحديات التي تواجهها التنمية صعوبة في العالم، وهي المتمثلة بإعادة بناء الاقتصادات التي خربّتها الحروب الأهلية والمجتمعات التي تضررت من جراء مرض نقص المناعة المكتسبة/الإيدز. تُعرّف "مؤسسات الأعمال الصغيرة" على أنها المؤسسات أو المشاريع المؤلفة من عشرة موظفين أو أقل، بمن فيهم العمال من أفراد العائلة الذين لا يتلقّون راتباً، والتي يمتلكها ويُديرها شخص فقير. وفي العديد من البلدان، وعلى الأخص في إفريقية وآسية، يعمل في قطاع مؤسسات الأعمال الصغيرة أكثرية السكان العاملين. وتبيّن الإحصاءات المتاحة -كما أسلفنا من قبل- الدور الأساسي الذي تلعبه مؤسسات الأعمال الصغيرة في إيجاد الوظائف، فهي تشكل نصف القوة العاملة غير الزراعية في أميركا اللاتينية، وثلثي القوة العاملة غير الزراعية في إفريقيا، وتُولّد شركات القطاع غير الرسمي ثلاثاً من أصل كل أربع وظائف جديدة غير زراعية في تايلاند، ونصف الوظائف الجديدة في إندونيسيا، وتؤمن الشركات التي يعمل فيها خمسة موظفين أو أقل في إندونيسيا حوالي نصف الوظائف في الصناعة. وقد أوردت دراسة أعدتها سنة 2002 المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (CGAP)، وهي مجموعة استشارية مؤلفة من (299 جهة مانحة) لتمويل مؤسسات الأعمال الصغيرة جداً، أمثلة عن فوائد منوعة في مجموعة من البلدان. ففي السلفادور، مثلاً، ازداد مُتوسّط الدخل الأسبوعي لزبائن مؤسسة المساعدة الدولية للمجتمعات المحلية FINCA)1) بنسبة 145%. وفي الهند، خرج نصف زبائن مؤسسة (التشارك SHARE2) من دائرة الفقر. وكشفت دراسة المجموعة الاستشارية السالفة الذكر أيضاً عن مكاسب مثيرة للإعجاب في مجالات التعليم والصحة والتغذية، وفي فيتنام، انخفض العجز الغذائي لزبائن المنظمة المشاركة لمؤسسة أنقذوا الأطفال (Save the Children) من ثلاثة أشهر إلى شهر واحد، وفي بنغلادش، تلقّت جميع الفتيات تقريباً من أُسر زبائن بنك غرامين التعليم، بالمقارنة مع 60% من الفتيات من أُسر ليست من زبائن البنك.
| |
|