|| :: الاسـواق الماليـــــة والازمـات || ::

|| :: الاسـواق الماليـــــة والازمـات || ::

بقلم - عامر ذياب التميمي
أشار
تقرير لشركة مشاريع الكويت لإدارة الأصول “كامكو” إلى أن الأسواق المالية
العربية قد خسرت 49 مليار دولار من قيمتها خلال الفترة 25 يناير/كانون
الثاني حتى 31 يناير/كانون الثاني، حيث انخفضت القيمة السوقية من 991
مليار دولار إلى 942 مليار دولار . وقد شهدت الأسواق الخليجية أكبر
الخسائر حيث فقدت 32 مليار دولار من قيمتها خلال الفترة المذكورة . ولا شك
في أن هذه الأسواق ربما تفاعلت بمبالغة مع الأحداث المصرية علماً بأن
الشركات المدرجة في الأسواق الخليجية تملك معظم أصولها في بلدانها ذاتها
بالرغم من ملكيتها لأصول عقارية ومالية في مصر . . وكما هو معلوم أن أصحاب
رؤوس الأموال يعانون عقدة عدم الاستقرار السياسي والخشية من أن التغيرات
في بنية الأنظمة السياسية ستؤدي إلى تحولات في السياسات والمناهج
الاقتصادية، كما أن هناك تخوفات من تراجع سعر صرف عملة البلد الذي يعاني
الاضطرابات السياسية، وحدث فعلاً في حال مصر أخيراً أن تراجع سعر صرف
الجنيه المصري . . يضاف إلى ذلك أن مؤسسات التقييم خفضت من الجدارة
الائتمانية لمصر بشكل كبير، لكن في ذات الوقت هناك من يتوقع أن تتعافى
الأسواق المالية العربية خلال الأسابيع القادمة بعد أن تتضح صورة التحولات
السياسية المقبلة في مصر .
ولا شك في أن التأثر بالاضطرابات، وأحيانا
التحولات السياسية أمر طبيعي في كافة الأسواق، قد تأثر سوق النفط بالأوضاع
المصرية حيث ارتفعت الأسعار خشية من نقص الإمدادات أو إغلاق قناة السويس
لسبب أو آخر، كما أن الأسواق المالية عادة ما تتأثر بمثل هذه المشكلات
السياسية خصوصاً أنها تحدث في مصر التي تعد أهم دولة عربية والأكثر
تأثيراً في بلدان المنطقة . لكن الأوضاع الاقتصادية المصرية لم تكن واعدة
قبل 25 يناير، أي قبل بدء المظاهرات والاحتجاجات، وكانت هناك ملاحظات
أساسية على أداء مختلف القطاعات الاقتصادية وتراجع معدلات النمو . وبالرغم
من أن البيانات المنشورة تؤكد أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي قد بلغت 188
مليار دولار في عام 2009 إلا أن ذلك يعني أن معدل دخل الفرد في مصر لا
يزيد على 2350 في العام الواحد، حيث إن هناك أكثر من 80 مليون مصري، كذلك
فإن معدلات الفقر مرتفعة بدرجة عالية بعد أن قدر بأن أكثر من 20 في المئة
من المصريين يعيش تحت خط الفقر (دولارين في اليوم . .) وتتزايد أعداد
العاطلين من العمل في مصر سنوياً بفعل تدفق الملايين إلى سوق العمل، إذاً
هناك تحديات اقتصادية مهمة أمام أي إدارة سياسية جديدة لإصلاح الاقتصاد
المصري، ولذلك فإن تراجع أداء الأسواق المالية يظل أمراً طبيعياً في هذه
الظروف السياسية، لكن أهم من ذلك هو كيف ستتم معالجة الاختلالات
الاقتصادية والاجتماعية في مصر وغيرها من بلدان عربية بما يعزز الاستقرار
الاقتصادي ويحفظ، بعد ذلك، قيم الأصول في الأسواق المالية وغيرها من أصول
أساسية؟