انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 99165 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: الاستثمار عند هيئة السوق والبنوك السبت فبراير 26, 2011 11:46 am | |
| الاستثمار عند هيئة السوق والبنوك
د. محمد آل عباس
قررت العودة إلى كتب الاستثمار التي تعلمتها في أيام الدراسة؛ ذلك أن الأمور بدأت تختلط في ذهني ويبدو أنني، وكما يقول الإنجليز out of date، فقد تعلمت في تلك الأيام الخوالي أن الإنسان العادي يكد ويتعب ليحصل على دخله، ثم عليه بعد ذلك أن يتخذ قرارا مهما بعدم استهلاك كل دخله، بل عليه أن يدخر (أي يمتنع عن الاستهلاك اليوم أملا في أن يتعاظم استهلاكه في المستقبل)؛ ولأن هناك مرضا أصيلا في كل النقد الورقي الذي نتحفظ به فقيمته تتناقص من سنة إلى أخرى؛ لذلك يجب علينا أن نقوم باستثمار أموالنا التي احتفظنا بها؛ حتى لا يأكلها مرض التناقص الحتمي وحتى نفي بالزكاة الواجبة. كيف تتناقص أموالنا على الرغم من بقاء عددها كما هو؟ لقد أجمع علماء الاقتصاد والمال على أن الأموال تتناقص بمقدار معدل الفائدة وهناك جداول لكل فائدة ويتم احتساب التناقص وفقا لها. هكذا يظهر أكبر تحدٍ يواجه من يريد تشغيل أمواله التي احتفظ بها، لا بد أن يقوم بتشغيلها (استثمارها وتنميتها) ليحصل على معدل عائد يتجاوز معدل التناقص في قيمتها. سأوضح بطريقة أبسط، إذا كان لديك صندوق من التفاح وفي كل سنة تفسد منه تفاحتان، وأنت تسعى إلى زيادة عدد التفاح في الصندوق أو قل للحفاظ عليها، إذاً عليك أن تضع تفاحتين جديتين على الأقل بدلا عن كل التفاحات التي فسدت. نقول تفاحتين على الأقل فلا يمكن وضع تفاحة واحدة؛ لأن التناقص سيكون أكبر وبعد سنوات لن تجد في صندوقك تفاحا. بالعودة إلى عالم المال، فإن الاستثمار الناجح يجب أن يتجاوز معدل الفائدة السائد وإلا فلن تجد بلح الشام ولا عنب اليمن. من واجب مؤسسات الدولة توفير مصادر آمنة للاستثمار ليتمكن الناس من حفظ أموالهم، ومن ذلك البنوك الاستثمارية والشركات الناجحة في سوق الأسهم الناشطة والآمنة إلى حد كبير. هذا ما كنت أعتقد أنه معنى الاستثمار وقمت لسنوات بتعليم الطلاب ذاك وشرحت للمتدربين هذه المعاني، كنت متحمسا لهذا العمل وواثق فيه جدا؛ لذا نصحت بالاستثمار في سوق الأسهم وليتني لم أفعل، نصحت بوضع الأموال في الصناديق الاستثمارية وليتني لم أفعل، واليوم أقول إنني أخطأت وأعترف بأني لم أعد أعرف. لم أعد أعرف أو أفهم كيف للبنوك أن تحقق كل هذه العوائد الضخمة جدا جدا، معتمدة على أموال المودعين، محتكرة للسوق يدعمها في ذلك نظام سريع وتحقق لها ما تصبو إليه مؤسسة النقد وشركة سمة، كيف تحقق البنوك عوائدها الهائلة بنماذج مختلفة من الاستثمار بدأ من التمويل المباشر والمرابحة والمضاربة وغيرها كثير من مفاهيم للاستثمار الواضحة والصادقة، بينما أصحاب الأموال الحقيقيون وأصحاب الحسابات الجارية محرومون من كل هذه المليارات والإيداع عليهم فرض واجب. وأنظر إلى العوائد الحقيرة التي تمنحها البنوك لمن يرغب الاستثمار في صناديقها، لن يحصل إلا على فتات من معدلات تقل عن معدل الفائدة السائد بكثير وتحسب بطريقة بدائية جدا (1 في المائة عند البعض تنمح مرة واحد في نهاية السنة)، فإذا منحت البنك مليونا ليستثمرها بدلا عنك فلن تحصل إلا على عشرة آلاف ريال في نهاية السنة، يا لهذا الكرم. فإذا كان التضخم قد وصل إلى 6 في المائة فإنني أعترف بجهلي الكامل في مفاهيم الاستثمار التي تعمل بها بنوكنا الفاضلة. لكن من يجبرنا على البنوك لنذهب إلى سوق المال فهو بحر واسع وهناك العشرات من الشركات التي توزع عوائد نقدية سنوية أو حتى كل نصف سنة، نعم ادفع 100 ريال في مقابل السهم لتحصل على ريال واحد سنويا (يقولون إنها تعادل 10 في المائة من القيمة الاسمية للسهم (عشرة ريالات)، وبذلك فهم يقدمون عائدا سنويا أكبر من معدل التضخم)؛ لذلك أقول إنني أعتذر فأنا لم أعد أعرف ما هو الاستثمار وسأبذل جهدي للدراسة من جديد. العجيب أن في هذا السوق ما يقرب من 43 شركة خاسرة وخسائر هذه الشركات تصل إلى 45 في المائة من رأسمالها. 43 شركة من أصل 145 شركة أي ما نسبته 30 في المائة من الشركات الموجودة في سوق الأسهم، شركات من المتوقع أن تعلن تخفيض رأسمالها بين عشية وضحاها، وأن تقرر هيئة السوق المالية إيقافها وحبس المتداولين خلف أسوارها، فعن أي استثمار نتحدث، بل أقول وكلي اعتذار إنني ''أوت أوف ديت''. نعم. أعترف بأنني لا أعرف مفاهيم الاستثمار السائدة اليوم في السوق السعودية، ولعله خلل كبير عندي في متابعة مستجدات هذا العلم، كيف أن شركتين مساهمتين تدخلان السوق المالية (الهدف منها تشجيع الاستثمار وتشغيل أموال الناس بالحلال) ثم لم تمضِ سنة حتى تعلن تخفيض رأسمالها، وشركات أخرى قاربت أن تصل إلى حد السؤال الخطير إما العناد والاستمرار أو التخفيض أو الإفلاس، هذه هي المفاهيم الجديدة للاستثمار في 30 في المائة من شركات سوق الأسهم السعودية، ناهيك عن الحديث المفصل في شركات تطرح بعلاوات الإصدار، ثم ينهار السعر بعد ذلك ولا أمل في عودته إلى مستوى الطرح الأولي له، بينما على المتضرر من المساهمين انتظار العوائد النقدية بمعدل نصف ريال سنوي - نريد تصفيقا حارا لهذا الفكر الاستثماري الحديث. ثم لم تكن فتنة المفاهيم الحديثة للاستثمار في سوق الأسهم، إلا أن نجد شركات لم تدفع تدفقات نقدية منذ أنشئت وشركات تدفعها سنة وتحرم منها سنوات وشركات تعلنها ولا تدفعها إلا لمن حسن عمله. وإذا كانت مفاهيم الاستثمار التقليدية تقول إنه من الأفضل للمساهم البسيط عدم دخول السوق بنفسه، بل عليه البحث عن صندوق استثماري وسيط. فإن المفاهيم الحديثة (التي لا أجيدها) تقول أن تضع أموالك في هذه الصناديق التي لن تعطيك أية عوائد سنوية ووحداتها تتناقص من عام إلى عام، وإذا لم تتناقص فإنها لن تزيد ولا تسأل عما حققه سوق الأسهم من ارتفاع بشكل عام فهي لن ترتفع أبدا بتلك النسبة، وإذا أردت الخروج فإن بينك وبين ذلك ما صنع الحداد من أجهزة لا تظهر نتائجها إلا بعد أسبوع. ولا تسأل عن التدفقات النقدية التي تمنحها الشركات مقابل الأسهم التي تملكها هذه الصناديق فهذه مرفوع عنها القلم وهي لك أو لأخيك أو للذئب. هذه مفاهيم الاستثمار الجديدة التي يجب أن يحصل منظروها على جوائز نوبل ومنتجوها على جوائز الأوسكار السينمائية. أكرر اعتذاري للقراء ولطلابي وأعد بأنني سأعمل جاهدا على تفهم بيئة الاستثمار الجديدة وتقديم مقترحات تتناسب معها في المقال القادم.
| |
|