د.عبد اللطيف البرغوثي
1- مدخل:
الشعب الفلسطيني واحد من شعوب الأمة العربية، التي يجمع بينها على مستوى العادات الشعبية قدر كبير مشترك، وتتمايز فيما بينها وما ينفرد به كل منها، وهي خصوصية ناجمة عن الظروف الموضوعية الفاعلة في حياة الشعب، عبر الزمان، وخلال تفاعله مع بيئتيه الطبيعية والاجتماعية. والشعب الفلسطيني في واقعه الراهن، شعب محافظ يتكون من أكثرية من المسلمين وأقلية من المسيحيين، وهو موزع ديمغرافيا في مناطق جغرافية عديدة؛ فهنالك حوالي مليون نسمة منه في إسرائيل، وحوالي مليون آخر في قطاع غزة، وحوالي مليونيين في الضفة الغربية بما في ذلك القدس العربية، ومثل هذه الملايين أو ما يزيد عنها في بلدان الوطن العربي وبقية بلدان العالم. في الوقت ذاته، يتألف الشعب الفلسطيني من شرائح اجتماعية ثلاث هي:شريحة أهالي الريف، وأهالي البادية، وأهالي المدن. وعناصر هذا الموقع، وما يتصل بها من عناصر أخرى ذات علاقة هي التي تصنع الخصوصية الشعبية المشار إليها.
وهذه الوضعية تتطلب تحديدا للمنهج المناسب المعالجة لموضوع هذه الورقة وهو"عادات الزواج في الريف الفلسطيني". ولهذا السبب سأحاول إتباع منهج وصفي، تتصل به لمحات تحليلية، ويقوم على المرتكزات التالية:
1- حصر الموضوع في مسلمي الريف الفلسطيني في الضفة الغربية، أي في عادات الزواج كما تجري ممارستها في قرى الضفة الغربية، مع الإسراع إلى التأكيد بأن ثمة تشابها على درجة عالية، بين هذه العادات في قرى الضفة، وقرى القطاع، وقرى الجليل. ومن الواضح أن حصر الموضوع على النحو يستثني عادات الزواج في البادية والمدينة، وفي التجمعات الفلسطينية الأخرى القائمة خارج الضفة الغربية.
2- تقديم نظري موجز بتعريف العادة وأهم سماتها.
3- وصف تفصيلي لعادات الزواج بمراحله المختلفة، وما يجري في كل مرحلة من إجراءات وأنشطة فنية.
4- ملاحظة ما طرأ على هذه العادات من تغيرات خلال النصف الثاني من هذا القرن.
5- الاستشهاد خلال العرض بأمثلة من المأثورات القولية ذات العلاقة.
6- نظرة مستقبلية.
2-تعريف بالعادة وأهم سماتها:
على الرغم من أهمية التعريفات، فإنها تصعب الأمور بدلاً من أن تسهلها؛ بسب ما تنطوي عليه من تعدد ناجم عن اختلاف في وجهات نظر القائلين بها. ولما كان هذا البحث مكرساً للنظر في العادات الشعبية، الخاصة بالزواج في الريف الفلسطيني في الضفة الغربية، فإنه لن يخوض في التعريفات المختلفة للعادات بعامة، بل سيكتفي بتقديم تلخيص موجز لما أورده الدكتور محمد الجوهري بهذا الخصوص في كتابه "علم الفولكلور، ج1، ط4، ص106-111". أنه يرى بحق أن العادات الشعبية ظاهرة أساسية من ظواهر الحياة الاجتماعية. وأنها حقيقة أصيلة من حقائق الوجود الاجتماعي في الماضي والحاضر، وفي كل المجتمعات بغض النظر عن مستواها الحضاري، وأنها ظاهرة تاريخية ومعاصرة في الوقت نفسه، وذات صلة مباشرة بواقعنا، وهي بذلك قطعة من ذاتنا ومن واقع حياتنا الاجتماعية. ولما كانت حياتنا الاجتماعية متجددة باستمرار، فإن العادة لا بد أن تتجدد كذلك بما يجعلها مواكبة لعصر مجتمعها، كما أنها دائما بنت شعب معين، ومنطقة معينة، وتراث وتاريخ معين، مرتبط بزمان ومكان معينين. ومن ابرز سماتها: أنها فعل اجتماعي، وأنها متوارثة كاملاً بظروف مجتمعها.
استكمل المقال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]