انثى من زمن النقاء
عدد المساهمات : 20012 نقاط الامتيـــــاز : 99165 تاريخ التسجيـل : 10/04/2009 تاريخ الميلاد : 12/06/1973 الوظيفــــــة : الهوايـــــــة : الجنسيــــــة : الدولـــــــة : المـــــــزاج : جنس العضـو : احترام قوانين المنتدى : رسالة SMS : وسائط MMS : اوسمة الامتياز :
اضافات منتديات جسر المحبة توقيت دول العالم: عداد زوار منتديات جسر المحبة:
| موضوع: طــرق معالجة اختلال ميزان المدفــوعات الثلاثاء فبراير 16, 2010 2:24 pm | |
| مقدمــة:
إن ميزان المدفوعات هو بمثابة الحساب الذي يسجل قيمة الحقوق و الديون الناشئة بين بلد معين و العالم الخارجي و ذلك نتيجة المبادلات و المعاملات التي تنشأ بين المقيمين في هذا البلد و نظرائهم بالخارج خلال فترة زمنية عادة ما تكون سنة. و لميزان المدفوعات أهمية كبيرة في الاقتصاد الوطني لأنه من خلال دراسة مفرداته يعكس لنا درجة التقدم الاقتصادي في هذا البلد و يمكننا من تحديد مركزه المالي بالنسبة للعالم الخارجي.
1. تعريفــه:
يعرف ميزان المدفوعات بأنه السجل الأساسي المنظم و الموجز الذي تدون فيه جميع المعاملات الاقتصادية التي تتم بين حكومات و مواطنين و مؤسسات محلية لبلد ما مع مثيلاتها لبلد أجنبي خلال فترة معينة عادة سنة واحدة. و هو عبارة أيضا عن تقدير مالي لجميع المعاملات التجارية و المالية التي تتم بين الدولة و العالم الخارجي خلال فترة زمنية معينة غالبا ما تكون سنة . كما أنه في الإمكان تعريفه بأنه سجل لحقوق الدولة و ديونها خلال فترة معينة.
و يقوم إعداد ميزان المدفوعات على مبدأ القيد المزدوج ، مما يجعله من الناحية المحاسبية متوازنا أي جانب دائن (إيجابي) تندرج تحته كافة المعاملات التي تحصل الدولة من خلالها على إيرادات من العالم الخارجي ، و جانب مدين تنطوي تحته جميع المعاملات التي تؤدي الدولة من خلالها مدفوعات العالم الخارجي و تواجه عملية تسجيل العمليات الاقتصادية على ميزان المدفوعات صعوبات مثل مشكلة التفريق بين المقيم و الغير مقيم ، و اختلاف أسس حساب القيم الدولية و مشكلة التوقيت.....إلخ.
2. تقسيماتــه:
نظرا لطبيعة المعاملات الاقتصادية المتشبعة و المتشابكة لأي بلد مع بقية العالم الخارجي ، فإنه من الصعوبة حصرها و تدوينها بصورة منفردة في ميزان المدفوعات و لذلك يمكنه إعطاء بيان موجز لهذا الحكم من المعاملات و تدوينها في فترات و أقسام مستقلة يضم كل منها نوعا متميزا من المعاملات ذات الطبيعة المتشابهة و المتقاربة الأهداف، لدلك فإن ميزان المدفوعات يتركب من الحسابات التالية:
1 – ميزان أو حسابات المبادلات الجارية:
ويعد هذا الميزان أهم جزء في ميزان المدفوعات، وذلك لأنه يعكس التركيبة الاقتصادية للبلد ويبين أهم البنود التي تجلب العملة الصعبة للبلد من جانب الصادرات واهم المواد التي تؤدي إلى نقص احتياطي البلد من العملة الصعبة في جانب الواردات وهذا الميزان بدوره ينقسم إلى:
1/1- حساب المبادلات الجارية من التجارة المنظورة (الميزان التجاري):
وهذا الحساب يسجل حركة السلع والبضائع المصدرة والمستوردة بين الدولة وغيرها من الدول، فعند فحص هذا البند يتبين لنا ما هي أهم صادرات الدولة وما هي أهم وارداتها أو بمعنى آخر ما هي التركيبة الاقتصادية لهذه الدولة هل هي صناعية أم متخلفة؟ فالدول الصناعية عادة تجد أن صادراتها متنوعة وتعتمد على تصدير المواد المصنعة، أما الدول النامية فعادة ما تجد أن صادراتها محدودة في منتج أو منتجين أوليين (مثل النفط) أما جانب الواردات فإنه متنوع حيث تستورد جل متطلباتها من الخارج. 1/2- حساب المبادلات اللامنظورة أو حساب الخدمات:
" وهو يبين أو يسجل ما تجبيه الدولة من إيرادات أو تقدمه من مدفوعات " مقابل خدمات تقدمها أو تقدم لها، مثل الصيرفة، والتأمين والسياحة، وتحويلات العمال، فوائد وأرباح والأموال المستثمرة في الخارج بالإضافة إلى مصاريف الحكومات التي تنفق على البعثات الدبلوماسية.\
2 – ميزان أو حسابات المبادلات الرأسمالية:
وهذا الحساب يعكس حركة رؤوس الأموال الداخلة إلى والخارجة من الدولة: فرؤوس الأموال الداخلة تبين أن الدولة فيها فرصة استثمارية جذابة جعلت رؤوس الأموال تتحرك باتجاهها – إما الخارجة فإنها تبين العكس، وينبغي أن لا نغفل العامل السياسي في هذا الجانب، فهذه الحركة لرؤوس الأموال لها ارتباط وثيق بالاستقرار السياسي وما تقدمه الدولة من ضمانات تكفل الاستثمار فيها، بالإضافة إلى ذلك فهو يبين الهبات والقروض الدولية المقدمة للدولة، كما يبين حركات الذهب او العملة الصعبة، وهذا البند الأخير تصحيحي فقط، أي بعد جرد المعاملات السابقة فإن كانت الدولة دائنة هذا يعني أن لديها فائض في ميزان مدفوعاتها وبالتالي فإن الدولة التي حققت عجزاً معها تدفع بالعملة الصعبة أو الذهب والعكس صحيح في حالة العجز وبالتالي فإن مهمة البند الأخير هو إحداث التوازن المحاسبي لا الفعلي.
3. أسباب اختلال ميزان المدفوعات:
إن ميزان المدفوعات يكون متوازنا محاسبيا نظرا لإتباع طريقة القيد المزدوج. إذن كيف يحدث الخلل في الوقت الذي يكون فيه الميزان متوازنا ؟
إن الخلل يكون في أقسام معينة من الميزان و عادة ما يكون العجز في الحساب الجاري باعتباره من أكبر الحسابات و الذي يؤدي عجزه إلى أضرار في الاقتصاد الوطني، مما يؤثر سلبا على قيمة العملة المحلية في سوق الصرف الأجنبي نتيجة لعرض العملة المحلية أكثر من طلب الأجانب عليها لذلك تستخدم السلطات في هذه الحالة السياسات النقدية و المالية لمعالجة الخلل.
و توجد أسباب عديدة تؤدي إلى حدوث هذا الخلل و لعل أهمها:
1- التقييم الخاطئ لسعر صرف العملة المحلية :
توجد علاقة وثيقة بين ميزان المدفوعات و سعر صرف العملة للبلد فإذا كان سعر الصرف لعملة بلد ما أكبر من قيمتها الحقيقية ، سيؤدي دلك إلى ارتفاع أسعار سلع البلد ذاته من وجهة نظر الأجانب مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الخارجي عليها و بالتالي سيؤدي دلك إلى حدوث اختلال في ميزان المدفوعات .
إما إذا تم تحديد سعر صرف العملة بأقل مما يجب أن تكون عليه سيؤدي دلك إلى توسع الصادرات مقابل تقلص الواردات مما يؤدي أيضا إلى حدوث اختلال في الميزان ، لذلك هذه الإختلالات غالبا ما ينتج عنها ضغوط تضخمية و التي تساهم في استمرارية الاختلال في الميزان.
2- أسباب هيكلية :
و هي الأسباب المتعلقة بالمؤشرات الهيكلية للاقتصاد الوطني و خاصة هيكل التجارة الخارجية ( سواء الصادرات أو الواردات)، إضافة إلى قدرتها الإنتاجية و بأساليب فنية متقدمة، و هذا ما ينطبق تماما على حالة الدول النامية التي يتسم هيكل صادراتها بالتركيز السلعي أي اعتمادها على سلعة أسلعتين أساسيتين ( زراعية أو معدنية أو بترولية )حيث عادة ما تتأثر هذه الصادرات بالعوامل الخارجية المتجسدة في مرونة الطلب الخارجي عليها في الأسواق العالمية كتغير أذواق المستهلكين و انصرافهم عن هذه السلع أو عند حدوث تقدم فني في الخارج يؤدي إلى خفض أثمان السلع المماثلة لصادرات هذه الدول في الخارج.
3- أسباب دورية :
و هي أسباب تتعلق بالتقلبات الاقتصادية التي تصيب النظام الاقتصادي الرأسمالي ، ففي فترات الانكماش ينخفض الإنتاج و الدخول و الأثمان و تزداد معدلات البطالة، فتنكمش الواردات مما قد يؤدي إلى حدوث فائض ، و في فترات التضخم يزيد الإنتاج و ترتفع الأثمان و الأجور و الدخول فتقل قدرة البلد على التصدير و تزيد وارداته مما قد يؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات و يلاحظ أن التقلبات لا تبدأ في نفس الوقت في كافة الدول ، كما تتفاوت حدتها من دولة إلى أخرى و تنتقل هذه التقلبات الدورية عن الدول ذات الوزن في الاقتصاد العالمي إلى الدول الأخرى (الشركاء التجاريين) عن طريق مضاعف التجارة الخارجية ، و تتأثر بالتالي موازين مدفوعات هده الدول عن طريق ما يصيب مستويات الأسعار و الدخول فيها.
3- الظروف الطارئة :
قد تحصل أسباب عرضية لا يمكن التنبؤ بها و قد تؤدي إلى حدوث اختلال في ميزان مدفوعات القطر كما في حالة الكوارث الطبيعية و اندلاع الحروب و التغير المفاجئ في أذواق المستهلكين محليا و دوليا فهذه الحالات ستؤثر عفي صادرات القطر المعني الشيء الذي ينجر عنه انخفاض في حصيلة هذه الصادرات المقدرة بالنقد الأجنبي خصوصا قد يصاحب دلك تحويلات رأسمالية إلى خارج القطر مما يؤدي إلى حدوث عجز في ميزان المدفوعات.
4- أسباب أخرى :
من الأسباب الأخرى التي قد ينشأ عنها اختلال في ميزان المدفوعات كانخفاض الإنتاجية في الدول النامية نتيجة قلة أدوات الإنتاج لذلك تقدم هذه الدول على برامج للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية يزداد فيها استيرادها من الآلات و التجهيزات الفنية و مستلزمات الإنتاج و غيرها من سلع التنمية لفترة طويلة و تهدف هده البلدان من هدا إلى رفع مستوى الاستثمار الذي غالبا ما يتجاوز طاقتها من الادخار الاختياري ، و يترتب عن هدا التفاوت بين مستوى الاستثمار و مستوى الادخار اتجاه نحو التضخم ، و هو اتجاه مزمن إذ أنه سنة بعد سنة و نتيجة لهذا التضخم و نظرا لزيادة واردات هذه الدول المتطورة فإنها تعاني عجزا دائما أو مزمنا في ميزان مدفوعاتها و تمول هذه الواردات بقروض طويلة الأجل معقودة مقدما.
4. أسباب اختلال ميزان المدفوعات :
إن وجود اختلال في ميزان مدفوعات قطر ما تعد من أهم المؤشرات الاقتصادية خطورة على الاقتصاد الوطني فيما يتعلق بمركز دلك القطر في المعاملات الاقتصادية الدولية لاسيما في حالة حدوث عجز في الميزان المذكور و لدلك فإنه عادة ما تتدخل السلطات العامة من أجل إحداث التوازن في هذا الميزان كلما أمكن دلك و الذي عادة ما يتطلب فترة تمتد إلى سنوات عدة و ذلك باستخدام مجموعة من الإجراءات الاقتصادية شريطة عدم إلحاق الاقتصاد الوطني بأضرار جسيمة و عموما هناك طريقتان لتصحيح الاختلال في ميزان المدفوعات و هما :
1- التصحيح عن طريق آلية السوق :
استقر الفكر التقليدي في هذا المجال على قدرة جهاز الثمن على تحقيق التوازن الخارجي، و مع أزمة الثلاثينات من هذا القرن و تحت تأثير أفكار كنز وجهت الأنضر نحو تغيرات الدخل القومي لإعادة التوازن ، أما التحليل الحديث فيفسح المجال أمام تغيرات الأثمان و تغيرات الدخل في تفسير التوازن الخارجي للدولة ، فضلا عن إدخال العمليات المالية في نطاق هده النظريات بقصد الوصول إلى نظرية شاملة. و تأخذ هده الطريقة ثلاث أشكال هـي:
أ/ التصحيح عن طريق آلية الأسعار :
و يختص هذا التصحيح بفترة قاعدة الذهب، و يتطلب تطبيق هذه الآلية ثلاث شروط أساسية هي:
* ثبات أسعار الصرف.
* الاستخدام الكامل لعناصر الإنتاج في القطر.
* مرونة الأسعار و الأجور ( أي حرية حركتها).
و تمثل هذه الشروط أهم أركان النظرية التقليدية و نلخص هذه النظرية بالاعتماد المتبادل لحركة الذهب من وإلى القطر مع حالة ميزان مدفوعاتها، ففي حالة حدوث فائض في الميزان فإنه يعني دخول كميات كبيرة من الذهب إلى القطر يرافقها زيادة في عرض النقود في التداول الأمر الذي ينجم عنه ارتفاع في الأسعار المحلية للقطر المذكور مقارنة مع الأقطار الأخرى، و ستترتب عن دلك نتيجتين ، أولهما انخفاض صادرات القطر إلى الخارج نظرا لارتفاع أسعارها من وجهت نظر الأجانب و ثانيتهما هو ارتفاع في استيرادات القطر من الخارج نظرا لملائمة أسعار السلع الأجنبية من وجهة نظر مواطني القطر و تستمر هذه العملية حتى يعود التوازن إلى ميزان المدفوعات. أما حالة حدوث عجز في الميزان، فإن النتيجة ستكون متعاكسة و لكنها ستقود إلى توازن الميزان أيضا.
غير أن التغيرات الحاصلة في الأسعار يمكن أن تؤدي إلى تغيرات في أسعار الفائدة طبقا للنظرية الكلاسيكية و هذه بدورها ستؤثر على وضع ميزان المدفوعات و لكن ليس مثلما يؤثر مستوى الأسعار على إعادة التوازن في الميزان ففي الحالة الأولى ( حالة الفائض).
بمقدور البنك المركزي للبلد خفض سعر الفائدة على القروض الممنوحة نظرا لارتفاع السيولة المحلية، مما سيؤدي إلى تدفق الأموال إلى خارج البلد و بالتالي التخلص من الفائض المتاح و إعادة التوازن للميزان ثانية ، أما الحالة الثانية ( حالة العجز ) فبإمكان رفع سعر الفائدة من أجل جذب الأموال الأجنبية إلى الداخل و عندها ستزداد السيولة في السوق المالية ز إعادة التوازن للميزان .
و نلخص كلما سبق في :
ب/ التصحيح عن طريق سعر الصرف :
و هي الآلية المتبعة في حالة التخلي عن قاعدة الذهب الدولية ( سيادة نظام العملات الو رقية خلال الفترة الممتدة ما بين الحربين العالميتين)، واتخاذ نظام سعر صرف حر و عدم تقيده من قبل السلطات النقدية. و تتلخص هذه الآلية في أن القطر الذي يعاني من حالة عجز في ميزان مدفوعا ته عادة ما يحتاج إلى العملات الأجنبية و بالتالي سوف يضطر إلى عرض عملته المحلية في أسواق الصرف الأجنبية ، بيد أن زيادة عرض العملة المحلية سيؤدي إلى انخفاض سعرها في الأسواق المذكورة و عندها ستغدو أسعار السلع و الخدمات المنتجة في دلك القطر منخفضة مقارنة بالسلع و الخدمات الأجنبية فيزداد الطلب على منتجات القطر ، و هكذا تزداد صادراته مقابل انخفاض استيرادا ته نظرا لارتفاع أسعار المنتجات الأجنبية في هذه الحالة و تستمر هذه العملية حتى يعود التوازن إلى ميزان المدفوعات ، أما في حالة وجود فائض في الميزان فإنه يحدث العكس تماما.
ج/ التصحيح عن طريق الدخول :
تعتمد هذه الطريقة على النظرية الكينزية التي تهتم بالتغيرات الحاصلة في الدخول و آثارها على الصرف الأجنبي و بالتالي على وضع ميزان المدفوعات و أهم شروط النظرية هي:
* ثبات أسعار الصرف .
* جمود الأسعار ( ثباتها).
* الاعتماد على السياسة المالية و خاصة الإنفاق العام للتأثير على الدخل تحت تأثير مضاعف الإنفاق .
و تتلخص هذه النظرية في أن الاختلال الحاصل في ميزان المدفوعات سيؤدي إلى إحداث تغير في مستوى الاستخدام و الإنتاج للبلد و بالتالي في مستوى الدخل المحقق و ذلك تحث تأثير مضاعف التجارة الخارجية، فحينما يسجل ميزان المدفوعات لبلد ما فائضا جراء التزايد في صادراته و منه سوف يرتفع مستوى الاستخدام في تلك الصناعات التصديرية فتواكبها زيادة في معدل الأجور و من تم الدخول الموزعة و سيترتب على زيادة الدخول تنامي في الطلب على السلع و الخدمات بنسبة أكبر نتيجة لعمل المضاعف فترتفع الاستيرادات مما يؤدي إلى عودة التوازن إلى الميزان . و يحدث العكس في حالة وجود عجز في الميزان، غير أن العديد من الاقتصاديين الكنزيين لا يرون ضمانا لمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات بهذه الطريقة ذلك لأنه في حالة العجز فإن انخفاض الدخل قد لا يكون بنفس مقدار الانخفاض الحاصل في الإنفاق و ما يجر بدوره إلى انخفاض في الطلب على الصرف الأجنبي و لهذا السبب وحده يمكن أن تتدخل السلطات العامة من أجل إجراء تغييرات مناسبة (مقصودة ) في الدخل بالقدر الذي يؤدي إلى إعادة التوازن في ميزان المدفوعات و طبقا للنظرية الكينزية يمكن أن تقوم السياسة المالية بدور هام في هذا المجال و ذلك من خلال التغيرات في الإنفاق كاستخدام الضرائب مثلا، ففي حالة وجود عجز في الميزان يمكن إجراء تخفيض في الإنفاق العام بفرض ضرائب على الدخول مثلا و تحث تأثير المضاعف سيؤدي دلك إلى انخفاض أكبر في الدخل و بالتالي في الطلب الكلي بما في دلك الطلب على الاستيرادات، و هذا يعني انخفاض الطلب على الصرف الأجنبي، و عندها سيعود التوازن إلى الميزان و ينطبق دلك أيضا في حالة وجود فائض في الميزان و لكن بصورة متعاكسة علاوة على دلك تستطيع السلطات المالية استخدام السياسة النقدية لمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات، غير أن الكينزيين لا يعتدوا عليها مقارنة بالسياسة المالية و من أهم أدوات السياسة النقدية هي سعر الفائدة حيث يتم خفض عرض النقد في التداول الذي يؤدي بدوره إلى رفع سعر الفائدة مما سيؤثر على حجم الإنفاق الكلي نظرا لانخفاض الإنفاق الاستثماري في هذه الحالة، و هو ما يشجع على تدفق رؤوس الأموال للداخل و عندها سيتحسن موقف ميزان المدفوعات.
نستنتج من المعطيات السابقة أن بمقدور السلطات العامة التدخل في إعادة التوازن لميزان المدفوعات باستخدام السياسة المالية أو النقدية لمعالجة حالة عدم التوازن في الاقتصاد سواء عند حدوث تضخم (بسبب العجز في الميزان) أو كساد اقتصادي ( بسبب الفائض في الميزان ) و يطلق على هذه المعالجات بسياسات الاستقرار .
د/ طريقة المرونات ( أو التجارة):
أظهرت النظريتان الكلاسيكية و الكينزية بعض العيوب في تفسير التصحيحات الممكنة للاختلال الحاصل في ميزان المدفوعات، حيث اعتمدت كلتاهما على ثبات أسعار الصرف التي قلما توجد في الوقت الحاضر بعد انهيار نظام القيمة المعادلة في عام 1971 و انتشار نظم الصرف القائمة على التعويم، فقد استندت النظرية الكلاسيكية على مجموعة من الفروض الغير واقعية في حين أكدت النظرية الكينزية على أهمية السياسة المالية في معالجة الخلل في ميزان المدفوعات و التي أدت إلى نتائج اقتصادية و اجتماعية غير مرغوب فيها.
جاءت طريقة المرونات لتعتمد على التغيرات المترتبة على تغيير سعر صرف العملة ( خصوصا من خلال إجراء تخفيض قيمة العملة ) و التي ستؤثر على الموقف التجاري للبلد المعني حيث ستزداد الصادرات و بالتالي ستؤثر على عرض الصرف الأجنبي أو الطلب عليه ، و من تم سيتأثر وضع ميزان المدفوعات ، فتخفيض قيمة العملة المحلية حسب هذه الطريقة قد لا تؤدي إلى الهدف المرجو منها و دلك للأسباب التالية :
1- أن نجاح تخفيض قيمة العملة المحلية ( أي زيادة سعر الصرف الأجنبي ) سيتوقف في المقام الأول على مرونة الطلب لى الصادرات للبلد و استيرادا ته.
2- آثار عملية تخفيض قيمة العملة تعتمد على معطيات مهمة للاقتصاد المعني و خاصة مدى القدرة الاستيعابية ( الامتصاص) له ، أي على درجة التوظف السائد في الاقتصاد ( إن كان في حالة توظف كامل أو قريب منها أو دونها ) حيث أن لكل من هده الأوضاع آثارها المختلفة على حالة التكييف لميزان المدفوعات.
2/ التصحيح عن طريق تدخل السلطات العامة :
يحدث كثيرا ألا تدع السلطات العامة في الدولة قوى السوق شأنها لإعادة التوازن لميزان المدفوعات لما يعنيه هذا من السماح بتغيرات في مستويات الأثمان و الدخل القومي ، و هو ما يتعارض مع سياسة تثبيت الأثمان و استقرار الدخل القومي عند مستوى العمالة الكاملة ، و هي السياسة التي تعطيها الدولة أولوية بالنسبة للتوازن الاقتصادي الخارجي و في هذه الحالة تلجأ هذه السلطات إلى العديد من السياسات لعلاج اختلال ميزان المدفوعات. فهناك إجراءات تتخذ داخل الاقتصاد الوطني و إجراءات تتخذ خارج الاقتصاد الوطني، فالإجراءات التي تتخذ داخل الاقتصاد الوطني تتمثل في :
* بيع الأسهم و السندات المحلية للأجانب للحصول على العملات الأجنبية في حالة حصول عجز في الميزان .
* بيع العقارات المحلية للأجانب للحصول على النقد الأجنبي.
* استخدام أدوات السياسة التجارية المختلفة للضغط على الإستيرادات مثل نظام الحصص أو الرسوم الجمركية إضافة إلى تشجيع الصادرات من أجل تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات.
* استخدام الذهب والاحتياطات الدولية المتاحة لدى القطر في تصحيح الخلل في الميزان.
أما الإجراءات التي تتخذ خارج الاقتصاد الوطني تتمثل في :
· اللجوء إلى القروض الخارجية من المصادر المختلفة مثل صندوق النقد الدولي أو من البنوك المركزية الأجنبية أو من أسواق المال الدولية ...الخ.
· بيع جزء من الاحتياطي الذهبي للخارج.
· بيع الأسهم و السندات التي تملكها السلطات العامة في المؤسسات الأجنبية لمواطني تلك الأقطار للحصول على النقد الأجنبي.
و نشير أخيرا إلى أنه لعلاج اختلال التوازن لابد من معالجة أسبابه و هذه هي الكيفية التي يتعين بها فهم سياسة التسوية بمعناها الحقيقي و لا حاجة لنا هنا إلى التأكيد على الترابط و التداخل في سياسات التسوية القومية في الدول المختلفة ، إذ في المحيط الاقتصادي الدولي هناك ارتباط بين عجز ميزان مدفوعات بعض الدول و بن فائض البعض الآخر و ما لم تتلاق الأهداف و الأساليب فقد تصبح إعادة التوازن على مستوى الدولي أمرا مستحيلا.
* خـــاتمـــة:
من خلال ما سبق يتبين بأن وضعية ميزان المدفوعات تتوقف على المعاملات الدائنة والمدينة، فإذا كانت المعاملات الدائنة اكبر من المدينة فهذا يعني وجود فائض وهو بدوره يؤدي إلى زيادة احتياطي الدولة من العملة الصعبة والذهب والعكس صحيح في حالة زيادة المعاملات المدينة على الدائنة.
ولكن المشكل الذي يقع على عاتق الحكومات هو في كيفية إيجاد السبل والوسائل من أجل تحقيق التوازن الحقيقي أو الفعلي في ميزان المدفوعات؟
ولكن بدل الحديث عن الأدوات التي تستخدمها الدول من اجل إحداث التوازن في ميزان المدفوعات لا بد من الإشارة إلى أن الفائض ليس مفيدا في كل الأحوال لما قد يحدثه من زيادة في معدلات التضخم، إذا لم تكن الدولة قادرة على استيعاب الأموال المتراكمة، كما أن العجز ليس ضارا في كل الأحوال إذ قد يكون ضروريا من اجل زيادة النمو الاقتصادي للدولة. وفي كلتي الحالتين نجد أن الدولة تقع في مفترق الطرق، ويلزم عليها ضمان حدوث نوع من التوازن في وضعية ميزان مدفوعاتها والحفاظ على هذا الوضع بما يعرف بالاستقرار في توازنه لفترة ما وهو يعد من الأمور الصعبة بل والمستحيلة في معظم الأحيان والأوقات نظرا لتعدد المعاملات الاقتصادية والمالية وتشابكها بين مختلف المتعاملين الاقتصاديين المقيمين وغير المقيمين.
المصدر: أ. لحول عبد القادر
ماجستير في العلوم التجارية
تخصص اقتصاد مالي
| |
|